للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون كلهم كوفيّون، وفيه رواية الابن عن أبيه، وتابعيّ عن تابعيّ، وفيه عروة -رحمه الله- أحد الفقهاء السبعة، وفيه عائشة -رضي الله عنهما- من المكثرين السبعة.

شرح الحديث:

(عَنْ عَائِشَةَ) -رضي الله عنهما- أنها (قَالَتْ: قَدِمَ) بكسر الدال، (نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ) وفي رواية البخاريّ: "جاء أعرابيّ"، فقال في "الفتح": يَحْتَمِل أن يكون هو الأقرع المذكور في الحديث التالي، وَيحْتَمِل أن يكون قيس بن عاصم التميميّ، ثم السعديّ، فقد أخرج أبو الفرج الأصبهانيّ في "الأغاني" ما يُشعر بذلك، ولفظه: "عن أبي هريرة أن قيس بن عاصم دخل على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-"، فذكر قصة فيها: "فهل إلا أن تُنْزَع الرحمة منك"، فهذا أشبه بلفظ حديث عائشة -رضي الله عنهما-، ووقع نحو ذلك لعيينة بن حِصْن بن حُذيفة الفزاريّ، أخرجه أبو يعلى في "مسنده" بسند رجاله ثقات، إلى أبي هريرة: "قال: دخل عيينة بن حصن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرآه يقبّل الحسن والحسين، فقال: أتقبّلهما يا رسول الله؟ إن لي عشرة فما قبّلت أحدًا منهم"، وَيحْتَمِل أن يكون وقع ذلك لجميعهم، فقد وقع في رواية مسلم: "قَدِم ناس من الأعراب". انتهى (١).

(عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالُوا)؛ أي: الأعراب للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ومن معه، (أتقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقَالُوا)؛ أي: النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ومن معه، (نَعَمْ) نُقبّلهم، (فَقَالُوا)؛ أي: الأعراب، (لَكِنَّا وَاللهِ مَا نُقَبِّلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَأَمْلِكُ؟) هكذا النسخ، فيكون بتقدير همزة الاستفهام الإنكاريّ؛ أي: أَوَ أملك لكم؟، ومعناه النفي؛ أي: لا أملك لكم؛ أي: لا أقدر أن أجعل الرحمة في قلوبكم بعد أن نزعها الله منها، ووقع في بعض النسخ: "أو أملك لك؟ "، وقال في "العمدة": الهمزة للاستفهام الإنكاريّ، والواو للعطف على مقدَّر بعد الهمزة، نحو: تقول. انتهى (٢).

وقوله: (أَنْ كانَ اللهُ نَزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ؟ ") "أن" بفتح الهمزة مصدريّة،


(١) "الفتح" ١٣/ ٥٤٠، كتاب "الأدب" رقم (٥٩٩٨).
(٢) "عمدة القاري" ٢٢/ ١٠٠.