للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون ذُكروا في الباب، وفي الأبواب الأربعة الماضية.

[تنبيه]: من لطائف هذا الحديث:

أن له إسنادين فرَّق بينهما بالتحويل، وكلاهما من سُداسيّاته، وأنهما مسلسلان بالبصريين إلا زهيرًا فبغداديّ، وأحمد بن سنان فواسطيّ، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه أبو سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- الصحابيّ ابن الصحابيّ -رضي الله عنهما- من المكثرين السبعة، وتقدّم غير مرّة.

شرح الحديث:

(عَنْ قَتَادَةَ) بن دعامة السَّدُوسيّ أنه (قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ) -بضم العين المهملة، وسكون المثناة، بعدها موحّدة- وهو مولى أنس، وهذا هو المحفوظ عن قتادة، وقد رواه الطبرانيّ من وجه آخر عن شعبة، عن قتادة، فقال: عن أبي السّوّار الْعَدَويّ، عن عمران بن حصين به.

وأخرجه ابن حبان من طريق أحمد بن سنان القطان، قال: قلت لعبد الرحمن بن مهديّ: يا أبا سعيد، أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشدّ حياء من العذراء في خدرها؟ قال: نعم، عن مثل هذا فَسَلْ يا شعبة. فذكره بتمامه، قاله في "الفتح" (١).

(يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ) سعد بن مالك بن سِنان -رضي الله عنهما- (يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَشَدَّ حَيَاءً) قال القرطبيّ -رحمه الله-: "الحياء" -ممدودًا-: انقباض يجده الإنسان من نفسه، يَحْمِله على الامتناع من ملابسة ما يعاب عليه، ويُستقبح منه، ونقيضه الصَّلَفُ، وهو التَّصَلُّفُ في الأمور، وعدم المبالاة بما يُستقبح، ويعاب عليه منها، وكلاهما جِبِلّيّ، ومُكْتَسب؛ غير أن الناس منقسمون في القَدْر الحاصل منهما، فمن الناس من جُبِل على الكثير من الحياء، ومنهم من جُبل على القليل منه، ومن الناس من جُبل على الكثير من الصَّلَف، ومنهم من جُبل على القليل منه، ثم إن أهل الكثير من النوعين على مراتب، وكذلك أهل القليل، فقد يكثر أحد النوعين حتى يصير نقيضه


(١) "الفتح" ٨/ ٢١٩، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٦٢).