للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[النحل: ١٢٣]، قال الواحدي: وهذا هو الصحيح، قال ابن القشيري في "المرشد": وعُزِيَ إلى الشافعيّ، قال الأستاذ أبو منصور: وبه نقول، وحكاه صاحب "المصادر" عن أكثر أصحاب أبي حنيفة، وإليه أشار أبو علي الجبائي.

وقيل: كان متعبدًا بشريعة موسى عليه السلام، وقيل: بشريعة عيسى عليه السلام؛ لأنه أقرب الأنبياء، ولأنه الناسخ لما قبله من الشرائع، وبه جزم الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني كما حكاه عنه الواحدي، وقيل: كان على شرع من الشرائع، ولا يقال: كان من أمة نبي من الأنبياء، أو على شرعه، قال ابن القشيري في "المرشد": وإليه كان يميل الأستاذ أبو إسحاق، وقيل: كان متعبدًا بشريعة كل من قبله من الأنبياء إلا ما نُسِخ منها واندرس، حكاه صاحب "الملخص"، وقيل: كان متعبدًا بشرع، ولكن لا نَدرِي بشرع مَن تعبده الله، حكاه ابن القشيري، وقيل غير ذلك من الأقوال التي يُستبشع حكايتها.

واختار النووي في "الروضة" تبعًا لإمام الحرمين، وابن القشيريّ، وإِلْكِيا، والغزالي، والآمدي، وغيرهم الوقفَ؛ إذ ليس فيه دلالة عقل، ولا ثبت فيه نصّ ولا إجماع، قال ابن القشيري في "المرشد" بعد حكاية الاختلاف في ذلك: وكل هذه أقوال متعارضة، وليس فيها دلالة قاطعة، والعقل يُجَوِّز ذلك، لكن، أين السمع فيه؟. انتهى.

وقال إمام الحرمين: هذه المسألة لا تظهر لها فائدة، بل تجري مَجْرَى التواريخ المنقولة، ووافقه المازري، والماوردي، وغيرهما.

قال الشوكانيّ: وهذا صحيح، فانه لا يتعلق بذلك فائدة باعتبار هذه الأمة، ولكنه يعرف به في الجملة شرف تلك الملة التي تعبد بها، وفضلها على غيرها من الملل المتقدمة على ملته، قال: وأقرب هذه الأقوال قول من قال: إنه كان متعبدًا بشريعة إبراهيم عليه السلام، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - كثير البحث عنها، عاملًا بما بلغ إليه منها، كما يُعرَف ذلك من كتب السير، وكما تفيده الآيات القرآنية من أمره - صلى الله عليه وسلم - بعد البعثة باتباع تلك الملة، فإن ذلك يُشعر بمزيد خصوصية لها، فلو قدّرنا أنه كان على شريعة قبل البعثة لم يكن إلا عليها. انتهى (١).


(١) "إرشاد الفحول" ٢/ ٢٥٣ - ٢٥٥.