للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أبو العباس القرطبيّ: الحياء المكتسب هو الذي جعله الشارع من الإيمان، وهو المكلَّف به، دون الغريزيّ، غير أن من كان فيه غريزة منه، فإنها تُعِينه على المكتسَب، وقد ينطبع بالمكتسب حتى يصير غريزًا، قال: وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قد جُمِع له النوعان، فكان في الغريزيّ أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان في الحياء المكتسب في الذروة العليا -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (١).

٣ - (ومنها): ما قال ابن بطال -رحمه الله-: يُستفاد من الحديث الحكم بالدليل؛ لأنهم جزموا بأنهم كانوا يَعرفون ما يكرهه -صلى الله عليه وسلم- بتغيّر وجهه، ونظيره أنهم كانوا يَعرفون أنه يقرأ في الصلاة باضطراب لحيته، كما تقدم في موضعه (٢)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوَّل الكتاب قال:

[٦٠١٥] (٢٣٢١) - (حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، حِينَ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْكُوفَةِ (٣)، فَذَكَرَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا، وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا"، قَالَ عُثْمَانُ: حِينَ قَدِمَ مَعَ مُعَاوِيَةَ إِلَى الْكُوفَةِ).

رجال هذا الإسناد: سبعة:

١ - (عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) العبسيّ الكوفي، تقدّم قريبًا.

٢ - (شَقِيقُ) بن سلمة الأسديّ، أبو وائل الكوفيّ، ثقةٌ مخضرمٌ [٢] مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، وله مائة سنة، وقيل: مات سنة (٨٢) (ع) تقدم في "المقدمة" ٦/ ٥٧.

٣ - (مَسْرُوقُ) بن الأجدع بن مالك الْهَمْدانيّ الوادعيّ، أبو عائشة الكوفيّ، ثقةٌ فقيهٌ عابدٌ مخضرمٌ [٢] (ت ٢ أو ٦٣) (ع) تقدم في "الإيمان" ١٧/ ٢٢٧.


(١) "الفتح" ١٣/ ٦٩٢ - ٦٩٣، كتاب "الأدب" رقم (٦١١٩).
(٢) "الفتح" ١٣/ ٦٧٩، كتاب "الأدب" رقم (٦١٠٢).
(٣) وفي نسخة: "قَدِمَ معاوية الكوفة" في الموضعين.