للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تمجُّه نَفْسٌ، ولا يصدر عنه شيء يُكْره -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّف، وكرَّم. انتهى (١).

ووقع عند الترمذيّ من طريق أبي عبد الله الْجَدَليّ قال: "سألت عائشة -رضي الله عنهما- عن خُلُق النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: لم يكن فاحشًا، ولا متفحشًا، ولا سَخّابًا في الأسواق، ولا يَجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو، وَيصْفح"، وقد رَوَى البخاريّ في "الأدب" من حديث أنس -رضي الله عنه-: "لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبّابًا، ولا فحّاشًا، ولا لعّانًا، كان يقول لأحدنا عند الْمَعْتَبَة: ما له، تَرِبت جبينه"، ولأحمد من حديث أنس -رضي الله عنه-: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان لا يواجه أحدًا في وجهه بشيء يكرهه"، ولأبي داود من حديث عائشة -رضي الله عنهما-: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل: ما بال فلان يقول، ولكن يقول: ما بال أقوام يقولون" (٢).

[فائدة]: قال ابن منظور -رحمه الله-: قال ابن سِيدَه: الفُحْش، والفَحْشاء، والفاحشة: القبيح من القول، والفعل، وجَمْعها الفواحش، وأفحش عليه في المنطق؛ أي: قال الفُحْش، والفحشاءُ: اسم الفاحشة، وقد فَحَشَ، وفَحُشَ، وأفحش، وفَحُش علينا، وأفحش إفحاشًا، وفُحْشًا، قال: والصحيح أن الإفحاش، والفُحْش: الاسم، ورجل فاحشٌ: ذو فُحْش، وفي الحديث: "إن الله يُبغض الفاحش المتفحش"، فالفاحش: ذو الفحش والخنا من قول، وفعل، والمتفحش: الذي يتكلف سَبّ الناس، ويتعمده، وقد تكرر ذكر الفُحْش، والفاحشة، والفاحش في الحديث، وهو كلُّ ما يشتدّ قُبْحه من الذنوب، والمعاصي، قال ابن الأثير: وكثيرًا ما تَرِد الفاحشة بمعنى الزنا، ويسمى الزنا فاحشةً، وقال الله تعالى: {وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} الآية [الطلاق: ١] قيل: الفاحشة المبيِّنة: أن تزني، فتُخْرَج للحدّ، وقيل: الفاحشة خروجها من بيتها بغير إذن زوجها، وقال الشافعيّ أن تبذو على أحمائها بذَرابة لسانها، فتؤذيهم، وتَلُوك ذلك، وفي حديث فاطمة بنت قيس -رضي الله عنها- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يجعل لها سكنى، ولا نفقة، وذُكِر أنه نقلها إلى بيت ابن أم مكتوم؛


(١) "المفهم" ٦/ ١١٦.
(٢) "الفتح" ٨/ ٢١٦، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٥٩).