للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالألف واللام ذُكِّرت، وأُنِّثت، وثُنِّيت، وجُمِعت، وإذا أضيفت: ساغ فيها الأمران؛ كما جاء هنا: "أحاسنكم"، وكما قال تعالى: {أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام: ١٢٣]، وقد قال تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة: ٩٦]، وقد رُوي هذا الحديث: "أحسنكم" موحَّدًا. انتهى (١).

وقال في "الفتح": وحُسْن الخُلُق: اختيار الفضائل، وترك الرذائل، وقد أخرج أحمد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه: "إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق"، وأخرجه البزار من هذا الوجه بلفظ: "مكارم" بدل "صالح"، وأخرج الطبرانيّ في "الأوسط" بإسناد حسن، عن صفية بنت حُيَيّ قالت: "ما رأيت أحدًا أحسن خُلُقًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وعند مسلم من حديث عائشة -رضي الله عنها-: "كان خُلُقه القرآن، يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه". انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: و"الأخلاق": جمع خُلُق، وهي عبارة عن أوصاف الإنسان التي بها يعامِل غيره، ويخالطه، وهي منقسمة: إلى محمود ومذموم، فالمحمود منها: صفات الأنبياء، والأولياء، والفضلاء؛ كالصبر عند المكاره، والحِلم عند الجفاء، وتحمّل الأذى، والإحسان للنَّاس، والتودُّد لهم، والمسارعة في حوائجهم، والرحمة، والشفقة، واللطف في المجادلة، والتثبّت في الأمور، ومجانبة المفاسد والشرور.

وعلى الجملة: فاعتدالها أن تكون مع غيرك على نفسك، فتُنصف منها، ولا تنتصف لها، فتعفو عمن ظَلَمك، وتعطي مَن حَرَمك، والمذموم منها: نقيض ذلك كله.

وقد جاء هذا الحديث في غير كتاب مسلم بزيادة حسنة، فقال: "خياركم أحاسنكم أخلاقًا، الموطَّؤون أكنافًا، الذين يَأْلَفُون، ويُؤلَفُون، ولا خير فيمن لا يألف، ولا يُؤلف" (٣)، فهذه الخُلُق، وهؤلاء المتخلِّقون.


(١) "المفهم" ٦/ ١١٦.
(٢) "الفتح" ٨/ ٢١٦، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٥٩).
(٣) قال الحافظ أبو بكر الهيثميّ -رحمه الله- في "مجمع الزوائد" ٨/ ٢١: رواه الطبراني في "الصغير"، و"الأوسط"، وفيه صالح بن بشير المريّ، وهو ضعيف. انتهى.=