للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والكاف المتصلة به حرف خطاب، وفتحة داله بنائية، ولك أن تجعل "رويدك" مصدرًا مضافًا إلى الكاف، ناصبها "سوقك"، وفتحة داله على هذا إعرابية.

وقال أبو البقاء (١): الوجه النصب برُويدًا، والتقدير: أمهل سوقك، والكاف حرف خطاب، وليست اسمًا، ورُويدًا يتعدى إلى مفعول واحد. انتهى (٢).

وقوله: (بِالْقَوَارِيرِ) وفي رواية همّام، عن قتادة الآتية: "رُويدًا يا أنجشةُ، لا تكسر القوارير"؛ يعني: ضَعَفَة النساء، ولفظ البخاريّ: "قال قتادة: يعني: ضعفة النساء".

والقوارير: جمع قارورة، وهي الزجاجة، سُمِّيت بذلك؛ لاستقرار الشراب فيها، وقال الرامهرمزيّ: كَنَى عن النساء بالقوارير؛ لرقتهنّ، وضعفهنّ عن الحركة، والنساء يُشَبَّهن بالقوارير في الرقة، واللطافة، وضَعف البنية، وقيل: المعنى: سُقْهُنّ كسوقك القوارير، لو كانت محمولة على الإبل.

وقال غيره: شبههنّ بالقوارير؛ لسرعة انقلابهنّ عن الرضا، وقلة دوامهنّ على الوفاء؛ كالقوارير يُسرع إليها الكسر، ولا تقبل الجبر، وقد استَعْمَلَت الشعراء ذلك، قال بشار [من البسيط]:

ارْفُقْ بِعَمْرٍو إِذَا حَرَّكْت نسْبَتَهُ … فَإِنَّهُ عَرَبِيٌّ مِنْ قَوَارِيرِ

قال الخطابيّ (٣): كان أنجشة أسود، وكان في سوقه عُنْفٌ، فأمره أن يرفق بالمطايا، وقيل: كان حسن الصوت بالْحُداء، فكره أن تسمع النساء الحداء، فإنّ حُسن الصوت يحرك من النفوس، فشبَّه ضَعف عزائمهن، وسرعة تأثير الصوت فيهن بالقوارير في سرعة الكسر إليها.

وجزم ابن بطال بالأول، فقال: القوارير كناية عن النساء اللاتي كُنّ على الإبل التي تساق حينئذ، فأمر الحادي بالرفق في الحداء؛ لأنه يحثّ الإبل حتى تُسرع، فإذا أسرعت لم يُؤمَن على النساء السقوط، وإذا مشت رُويدًا أُمِن على


(١) "إعراب الحديث النبويّ" ص ١٢٨، رقم (٤٩) "مسند أنس".
(٢) "الفتح" ١٤/ ١٧ - ١٨، كتاب "الأدب" رقم (٦١٤٩).
(٣) "الأعلام" ٣/ ٢٢٠٣.