للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون تقدّموا في السند الماضي.

وقوله: (وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ) هكذا هو في الأصول: "وأخبرني عروة" بالواو، وهو صحيح، والقائل: "وأخبرني" هو الزهريّ، وفي هذه الواو فائدة لطيفة، وقد تقدّمت في مواضع، وهي أن معمرًا سمع من الزهريّ أحاديث، قال الزهريّ فيها: أخبرني عروة بكذا، وأخبرني عروة بكذا … إلى آخرها، فإذا أراد معمر رواية غير الأول قال: قال الزهريّ: وأخبرني عروة، فأتى بالواو ليكون راويًا كما سمع، وهذا من الاحتياط والتحقيق، والمحافظة على الألفاظ والتحرّي فيها، أفاده النوويّ رحمهُ اللهُ (١).

وقال في "الفتح" عند قوله: "قال: قال الزهريّ: فأخبرني عروة" ما نصه: وقع عند مسلم عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق مثله، لكن فيه: "وأخبرني" بالواو، لا بالفاء، وهذه الفاء معقّبة لشيء محذوف، وكذلك الواو عاطفة عليه، وقد بيّنه البيهقيّ في "الدلائل" حيث أخرج الحديث من وجه آخر عن الزهريّ، عن محمد بن النعمان بن بشير مرسلًا، فذكر قصّة بدء الوحي مختصرةً، ونزول {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١] إلى قوله: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢)} [العلق: ٢]، وقال محمد بن النعمان: فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، قال الزهريّ: فسمعت عروة بن الزبير يقول: قالت عائشة … فذكر الحديث مطوّلًا. انتهى (٢).

وقوله: (وَسَاقَ الْحَدِيثَ … إلخ) الضمير لمعمر، يعني: أن معمرًا ساق الحديث بمثل لفظ يونس المتقدّم.

وقوله: (غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ … إلخ) بنصب "غير" على الاستثناء، كما قال في "الخلاصة":

وَاسْتَثْنِ مَجْرُورًا بِـ "غَيْرٍ" مُعْرَبَا … بمَا لِمُسْتَثْنًى بِـ "إِلَّا" وَجَبَا

وقوله: (فَوَاللهِ لَا يُحْزِنُكَ اللهُ أَبَدًا) أَي: أن معمرًا قال بدل قول يونس: "لا يُخزِيك الله أبدًا" بخاء معجمة، وياء تحتانية: "لا يحزنك الله أبدًا" بالحاء المهملة، والنون، وهو بفتح أوله، وضمّ ثالثه، ثلاثيًّا، أو بضمّ أوله، وكسر


(١) "شرح النوويّ" ٢/ ٢٠٤.
(٢) "الفتح" ١٢/ ٣٧١ "كتاب التعبير" رقم (٦٩٨٢).