للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (قَالَ)؛ أي: أيوب (قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: تَكَلَّمَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِكَلِمَةٍ، لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا بَعْضُكُمْ لَعِبْتُمُوهَا) بكسر العين المهملة، من باب عاب، (عَلَيْهِ)؛ أي: على المتكلّم بها، قال الداوديّ: هذا قاله أبو قلابة لأهل العراق لِمَا كان عندهم من التكلف، ومعارضة الحقّ بالباطل.

وقال الكرمانيّ: لعله نظر إلى أن شرط الاستعارة أن يكون وجه الشبه جليًّا، وليس بين القارورة والمرأة وجهٌ للتشبيه من حيث ذاتهما ظاهرٌ، لكن الحقّ أنه كلام في غاية الحُسن، والسلامة عن العيب، ولا يلزم في الاستعارة أن يكون جلاء وجه الشبه من حيث ذاتهما، بل يكفي الجلاء الحاصل من القرائن الحاصلة، وهو هنا كذلك.

قال: ويَحْتَمِل أن يكون قَصْدُ أبي قلابة أن هذه الاستعارة تُحْسِن من مثل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في البلاغة، ولو صدرت من غيره ممن لا بلاغة له لَعِبْتُموها، قال: وهذا هو اللائق بمنصب أبي قلابة.

قال الحافظ: وليس ما قاله الداوديّ بعيدًا، ولكن المراد من كان يتنطع في العبارة، ويتجنب الألفاظ التي تشتمل على شيء من الهزل، وقريب من ذلك قول شداد بن أوس الصحابيّ لغلامه: ائتنا بسُفْرة نعبث بها، فأُنكِرت عليه، أخرجه أحمد، والطبرانيّ، ذكره في "الفتح" (١).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:

[٦٠٢١] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (ح) وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَ نِسَاءِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَهُنَّ يَسُوقُ (٢) بِهِنَّ سَوَّاقٌ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَيْ أَنْجَشَةُ، رُوَيْدًا سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ").


(١) "الفتح" ١٤/ ١٩، كتاب "الأدب" رقم (٦١٤٩).
(٢) وفي نسخة: "وهو يسوق".