عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْر، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ أَمْرَيْنِ، إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِنَفْسِهِ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ -عز وجل-).
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) تقدّم قبل باب.
٢ - (يَحْيَى بْنُ يَحْيَى) التميميّ النيسابوريّ، تقدّم أيضًا قبل باب.
٣ - (مَالِكُ) بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو الأصبحيّ، أبو عبد الله المدنيّ الفقيه، إمام دار الهجرة، رأس المتقنين، وكبير المتثبتين، حتى قال البخاريّ: أصح الأسانيد كلِّها: مالكٌ عن نافع، عن ابن عمر [٧](١٧٩) وكان مولده سنة ثلاث وتسعين، وقال الواقديّ: بلغ تسعين سنةً (ع) تقدّم في "شرح المقدّمة" جـ ١ ص ٣٧٨.
٤ - (ابْنُ شِهَابٍ) محمد بن مسلم الزهريّ، تقدّم قريبًا.
٥ - (عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ) بن العوّام الفقيه المدنيّ، تقدّم قبل بابين.
٦ - (عَائِشَةُ) أم المؤمنين -رضي الله عنها-، تقدّمت أيضًا قبل بابين.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف -رحمه الله-، وأنه مسلسل بالمدنيين سوى شيخيه، فالأول بغلانيّ، والثاني نيسابوريّ، وفيه عائشة -رضي الله عنها- من المكثرين السبعة، وعروة من الفقهاء السبعة.
شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-) -رضي الله عنها- (أَنَّهَا قَالَتْ: مَا) نافية، (خُيِّرَ) بالبناء للمفعول، (رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ أَمْرَيْنِ)؛ أي: من أمور الدنيا، يدلّ عليه قوله:"ما لم يكن إثمًا"؛ لأن أمور الدين لا إثم فيها، وأُبهم فاعل "خُيِّرَ" ليكون أعمّ من أن يكون من قِبَل الله، أو من قِبَل المخلوقين. (إلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا)؛ أي: أسهلهما، (مَا لَمْ يَكنْ إِثْمًا)؛ أي: ما لم يكن الأسهل مقتضيًا للإثم، فإنه حينئذ يختار الأشَدّ، وفي حديث أنس عند الطبرانيّ في "الأوسط": "إلا اختار أيْسَرَهما ما لم يكن لله فيه سُخْطٌ"، ووقوع التخيير بين ما فيه إثم وما لا إثم فيه