الْوَحْيُ؟ فَقَالَ: "أَحْيَانًا يَأْتِينِي فِي مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ (١)، ثُمَّ يَفْصِمُ عَنِّي، وَقَدْ وَعَيْتُهُ، وَأَحْيَانًا مَلَكٌ فِي مِثْلِ صُورَةِ الرَّجُلِ، فَأَعِي مَا يَقُولُ").
رجال هذا الإسناد: تسعة:
١ - (سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ) الإمام المشهور، تقدّم قريبًا.
٢ - (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ) الْهَمْدانيّ الكوفي، تقدّم قبل بابين.
٣ - (مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ) العبديّ، أَبو عبد الله الكوفيّ، تقدّم قريبًا.
والباقون ذُكروا في الإسنادين الماضيين.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف -رحمه الله-، وله فيه ثلاثة أسانيد، فرّق بينها بالتحويل، وفيه رواية الابن عن أبيه، عن خالته، وتابعيّ عن تابعيّ، وفيه عروة أحد الفقهاء السبعة، المجموعين في قول بعضهم:
ألَا إنَّ مَنْ لَا يَقْتَدِي بأئِمَّةٍ … فَقِسْمَتُهُ ضِيزَى عَنِ الْحَق خَارِجَهْ
فَخُذْهُمْ عُبَيْدُ الله عُرْوَةُ قَاسِمُ … سَعِيدٌ أبُو بَكْرٍ سُلَيْمَانُ خَارِجَهْ
وعائشة -رضي الله عنها- من المكثرين السبعة المجموعين في قولي:
الْمُكْثِرُونَ فِي رِوَايَةِ الْخَبَرْ … مِنَ الصَّحَابَةِ الأَكَارِمِ الْغُرَرْ
أَبُو هُرَيْرَةَ يَلِيهِ ابْنُ عُمَرْ … فَأَنَسٌ فَزَوْجَةُ الْهَادِي الأَبَرّ
ثُمَّ ابْنُ عَبَّاسٍ يَلِيهِ جَابِرُ … وَبَعْدَهُ الْخُدْرِيُّ فَهْوَ آخِرُ
وقد تقدّم هذا كلّه غير مرّة، وإنما أعدته؛ تذكيرًا؛ لطول العهد به، وبالله تعالى التوفيق.
شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ) أم المؤمنين -رضي الله عنها- (أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامِ) بن المغيرة بن عبد الله بن عُمَر بن مخزوم، أخو أبي جهل شقيقه، وابن عم خالد بن الوليد، شَهِد بدرًا كافرًا، فانهزم، وأسلم يوم الفتح، وحَسُن إسلامه، وأعطاه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين مائة من الإبل، قُتِلَ باليرموك سنة (١٥)، وكان شريفًا في قومه، وله
(١) وفي نسخة: "وهو أشدّ عليّ".