للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حديث عمر بن الخطاب، ويعلى بن أمية إذا نزل عليه الوحي يحمرّ وجهه، وَيغطّ غَطيط البكر، وينفخ، إلى غير ذلك من أنواع الوحي الكثيرة.

وروى ابن وهب عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب أنه سئل عن هذه الآية: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَو مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَو يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١)} [الشورى: ٥١].

قال: نرى هذه الآية تعمّ مَنْ أوحَى الله إليه من البشر كلهم، والكلام ما كلم الله موسى -عليه السَّلام- من وراء حجاب.

والوحي ما يوحي الله إلى نبيّ من أنبيائه، فيثبت الله ما أراد من الوحي في قلب النبيّ، فيتكلم به النبيّ، ويكتبه، فهو كلام الله ووحيه.

ومنه ما يكون بين الله ورسله لا يكلم به أحد من الأنبياء أحدًا من الناس، ولكن يكون سرّ غَيْب بين الله وبين رسله.

ومنه ما يتكلم به الأنبياء، ولا يكتمونه أحدًا، ولا يؤمَرون بكتمانه، ولكنهم يحدّثون به الناس حديثًا، ويبيّنون لهم أن الله -عزَّ وجلَّ- أمرهم أن يبيّنوه للناس، ويبلغوهم إياه.

ومن الوحي ما يُرسل الله من يشاء من ملائكته، فيوحيه وحيًا في قلوب من يشاء من أنبيائه ورسله.

وقد بَيَّن في كتابه أنه كان يرسل جبريل إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقال في كتابه: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} الآية [البقرة: ٩٧]. وقال -عزَّ وجلَّ-: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)} [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥].

وروي عن مجاهد في قول الله -عزَّ وجلَّ-: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} قال: أن ينفث في نفسه، {أَو مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} قال: موسى حين كلمه الله، {أَو يُرْسِلَ رَسُولًا} قال: جبريل إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأشباهه من الرسل، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. انتهى كلام الحافظ ابن عبد البر -رَحمه اللهُ- ببعض تصرف (١)، والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) "التمهيد" ٢٢/ ١١٣ - ١١٤، و"الاستذكار" ٨/ ٦٠ - ٦٧.