الصحابة كحديث عائشة - رضي الله عنها - الماضي؛ لأن جابرًا - رضي الله عنه -، لم يدركه زمان القصّة، فيحتمل أن يكون سمعها من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو من صحابيّ آخر حضرها.
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا ذكر الاحتمال في "الفتح"، لكن صرّح جابر - رضي الله عنه - في الرواية التالية بأنه سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فزال الاحتمال، حيث ثبت سماعه له منه - صلى الله عليه وسلم -، فتبصّر، والله تعالى أعلم.
وقوله:(وَهُوَ) أي: النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (يُحَدِّثُ) جملة في محلّ نصب على الحال من "رسول الله"، وفي رواية للبخاريّ في "بدء الخلق": "ثم فَتَرَ عنّي الوحي فَتْرَةً"(عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ) أي عن احتباسه وعدم تتابعه، وتواْليه في النزول، قال في "الفتح": ودلّ قوله: "عن فترة الوحي"، وقوله:"الملك الذي جاءني بحراء" على تأخّر نزول "سورة المدّثّر" عن {اقْرَأْ}(١). (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (فِي حَدِيثِهِ:"فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي) تقدّم الكلام في "فبينا" مستوفًى في شرح المقدّمة، وخلاصته: أن أصلها "بين" الظرفيّة، اشبعت فتحتها، فصارت ألفًا، ويقال أيضًا: "بينما"، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة، ويضافان إلى جملة من فعل وفاعل، ومبتدأ وخبر، ويحتاجان إلى جواب يتمّ به المعنى، وجاء كثيرًا اقتران جوابهما بـ "إذ"، و"إذا"، وليس لازمًا، تقول: بينا زيد جالسٌ إذ دخل عليه عمرو، أو: إذا دخل عليه، أو: دخل عليه، ومما دخل عليه "إذا" قوله:
ومما لم يقترن بهما هذا الحديث حيث قال:(سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاء، فَرَفَعْتُ رَأْسِي) وفي رواية البخاريّ: "فرفعت بصري"، ويؤخذ منه جواز رفع البصر إلى السماء عند وجود حادث من قبلها، وقد ترجم له البخاريّ في "كتاب الأدب"، ويُستثنى من ذلك رفع البصر إلى السماء في الصلاة؛ لثبوت النهي عنه.
(فَإِذَا الْمَلَكُ) "إذا" هي الفجائيّة، أي: ففاجأني رؤية الملك (الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ) هو جبريل عليه السلام كما تقدّم، وقوله:(جَالِسًا) بالنصب هكذا على الحال، وفي رواية البخاريّ: "جالس" بالرفع، وهو على تقدير مبتدأ، أي: فإذا صاحب الصوت هو الملك الذي جاءني بحراء، وهو جالس (عَلَى كُرْسِيٍّ) - بضم