النبوّة" (١/ ٢٢٢ - ٢٢٣)، و (أبو الشيخ) في "أخلاق النبيّ -صلى الله عليه وسلم-" (ص ١١٢)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان صفات النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الْخَلْقيّة، فقد زيّنه الله تعالى أكمل تزيين، وجعله أحسن الناس أجمعين، فهو -صلى الله عليه وسلم-. ولقد أجاد من قال:
٢ - (ومنها): جواز اتّخاذ الجمّة، وهو الشعر الذي نزل إلى المنكبين، والوفرة ما كان إلى شحمة الأذنين.
٣ - (ومنها): جواز لباس الحلّة الحمراء، قال القرطبيّ -رحمه الله-: وقد أخطأ من كَرِه لباسه مطلقًا، غير أنه قد يختص بلباسه في بعض الأوقات أهل الفسق والدعارة والمجون، فحينئذ يُكره لباسه؛ لأنَّه إذ ذاك تشبَّه بهم، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "من تشبَّه بقومٍ فهو منهم"، لكن ليس هذا مخصوصًا بالحمرة، بل هو جار في كل الألوان والأحوال، حتى لو اختص أهل الظلم والفسق بشيء مما أصله سُنَّة كالخاتم والخضاب والفرق لكان ينبغي لأهل الدين ألا يتشبهوا بهم؛ مخافة الوقوع فيما كرهه الشرع من التشبه بأهل الفسق، ولأنه قد يَظن به من لا يعرفه أنه منهم، فيعتقد ذلك فيه، وينسبه إليهم، فيظن به ظن السوء، فيأثم الظانّ بذلك والمظنون بسبب المعونة عليه. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه الله- (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "مما أصله سنّة. . . إلخ" فيه نظر لا
يخفى؛ إذ فيه فساد كبير؛ لأنه لو تركنا السُّنَّة لأجل أن بعض الفسقة يفعلها لضاعت السنن، فالحقّ أن ما ثبت شرعًا لا يُترك لأجل موافقته لأهواء بعض الكفرة، والفسقة، ومن ذلك ما سمعته من بعض الناس ممن يحلقون لحاهم لمّا سئلوا عن ذلك قالوا: إن القساوسة عندنا يوفّرون لحاهم، فنريد مخالفتهم،