فهكذا تضيع السنن، وهكذا يُلقي الشيطان شُبَهًا إلى أوليائه ليجادلوا بها أهل الحقّ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وبالجملة فشُبَهُ هذا الباب واسعة، فينبغي التنبّه لها، والتصديّ لأهل الأهواء بالردّ عليهم، ومناصحتهم، وأن لا يُخضَع لِمَا يُلقونه من الشُّبه والترّهات.
ومما يقطع دابر هذه الشبهة أنه -صلى الله عليه وسلم- لمّا نزل قوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} الآية [البقرة: ٢٢٢] أمر الصحابة -رضي الله عنهم- أن يباشروا المرأة في حال حيضها، ويجتنبوا جماعها في الفرج مخالفةً لليهود، فإنهم كانوا لا يساكنونها في بيت واحد فضلًا عن مباشرتها، فلما سمعت اليهود ذلك عابوا عليه ذلك، فقال بعض الصحابة -رضي الله عنهم-: يا رسول الله أفلا نجامعهنّ؛ أي: إدخالًا للغيظ عليهم، فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك، فقد تبيَّن بهذا أنه لا يجوز إغاظة العدوّ بارتكاب ما حرّم الله تعالى.
وخلاصة القول أن ترك السُّنن، أو ارتكاب بعض المنهيّات بالشبهة المذكورة من أخطر الفساد في الدين، ومن أكبر مدخل للشيطان في تلبيس الحقّ على المسلمين، وحَمْلهم على الانحراف عن هدي نبيّهم -صلى الله عليه وسلم-، وهدي صحابته الأكرمين -رضي الله عنهم-، كما قال الله -عز وجل-: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}[الأنعام: ١٢١].