للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رأى شيئًا يسيرًا، فمن أثبت شيبة، أخبر عن ذلك اليسير، ومن نفاه أراد أنه لم يكثر فيه، كما قال في الرواية الأخرى: لم يشتد الشيب؛ أي: لم يكثر، ولم يخرج شعره عن سواده، وحُسْنه، كما قال في الرواية الأخرى: لم ير من الشيب إلا قليلًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي ذكره النوويّ -رحمه الله- في وجه الجمع حَسَنٌ جدًّا.

[فائدة]: قال الإمام ابن عبد البرّ -رحمه الله-: قد أكثر الناس في صفته -صلى الله عليه وسلم-، فمنهم المطوّل، ومنهم المقتصد، قال: وأحسن الناس له صفة في اختصار عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ثم ساق بسنده إلى إبراهيم بن محمد، من وَلَدِ عليّ قال: كان عليّ إذا نعت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: لم يكن بالطويل الْمُمَّغِط (٢)، ولا بالقصير المتردد، وكان رَبْعَةً من القوم، ولم يكن بالجعد القطط، ولا بالسبط، كان جَعْدًا، رَجِلًا، ولم يكن بالمطهم، ولا بالمكلثم (٣)، وكان في الوجه تدوير، أبيض، مشرب حمرة، أدعج العينين (٤)، أهدب الأشفار، جليل الْمُشاس، والْكَتَد، أجرد، ذو مسربة، شئن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلّع؛ كأنما يمشي في صبب، وإذا التفت التفت معًا، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين، أجود الناس كفًّا، وأجرؤ الناس صدرًا، وأصدق الناس لهجةً، وأوفى الناس بذمة، وألينهم عريكةً، وأكرمهم عِشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله، ولا بعده مثله -صلى الله عليه وسلم-.

وقوله: "الممغط": هو الطويل المديد، وقال الخليل بن أحمد: الفرس المطهم: التام الخلق، وقال أبو عبيد: الْمُشاش رؤوس العظام، وقال الخليل:


(١) "شرح النووي" ١٥/ ٩٥.
(٢) قال ميرك: "الممّغط" بتشديد الميم الثانية، وبِالغين المعجمة المكسورة، بعدها طاء
مهملة: اسم فاعل من الانغماط، من باب الانفعال؛ أي: التناهي في الطول، من
قولهم: امّغط النهار: إذا امتدّ، وأصله منغمط. انتهى من هامش "التمهيد" ٣/ ٢٩.
(٣) "المكلثم": المدوّر الوجه.
(٤) أي: شديد سواد حدقتهما.