للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكتد: ما بين الثَّبَج (١) إلى منتصف الكاهل من الظهر، والْمَسْرَبة: شعرات تتصل من الصدر إلى السُّرّة. انتهى كلام ابن عبد البرّ -رحمه الله- (٢)، وهو بحث مفيدٌ، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم: هل خضب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أم لا؟

قال القاضي عياض -رحمه الله-: اختَلَف العلماء: هل خضب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؟

فمنعه الأكثرون بحديث أنس -رضي الله عنه-، وهو مذهب مالك، وقال بعض المحدّثين: خضب؛ لحديث أم سلمة -رضي الله عنها- أنها أخرجت لهم شعرات، من شعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حمرًا، مخضوبة بالحناء والكتم، ولحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، أنه رأى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، يصبغ بالصفرة، قال: وجمع بعضهم بين الأحاديث بما أشار إليه في حديث أم سلمة -رضي الله عنها-، من كلام أنس -رضي الله عنه- في قوله: فقال: ما أدري في هذا الذي يحدِّثون، إلا أن يكون شيء من الطيب الذي كان يطيّب به شعره؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم-، كان يستعمل الطيب كثيرًا، وهو يزيل سواد الشعر، فأشار أنس -رضي الله عنه- إلى أن تغيير ذلك ليس بصبغ، وإنما هو لضَعف لون سواده بسبب الطيب، قال: ويَحْتَمِل أن تلك الشعرات تغيّرت بعده؛ لكثرة تَطْيِيب أم سلمة لها؛ إكرامًا. هذا آخر كلام القاضي عياض -رحمه الله-.

قال النوويّ: والمختار أنه -صلى الله عليه وسلم- صبغ في وقت، وتركه في معظم الأوقات، فأخبر كُلُّ بما رأى، وهو صادق، وهذا التأويل كالمتعيِّن، فحديث ابن عمر في "الصحيحين"، ولا يمكن تركه، ولا تأويل له، والله أعلم. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رحمه الله- عند قول أنس -رضي الله عنه-: "لو شئت أن أعدّ شَمَطات كنّ في رأسه، فعلت" ما نصّه: ظاهره أنه لم يكن يختضب، كما قد نصّ عليه في بقيّة الحديث، وبهذا الظاهر أخذ مالك، فقال: لم يختضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإليه ذهب أبو عمر بن عبد البرّ.


(١) الثبج: ما بين الكاهل إلى الظهر.
(٢) "التمهيد" لابن عبد البرّ ٣/ ٢٧ - ٣١.
(٣) "شرح النووي" ١٥/ ٩٥.