للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلْيُعْطَ حُكْمَ الرَّفْعِ فِي الصَّوَابِ … نَحْوُ مِنَ السُّنَّةِ مِنْ صَحَابِي

كَذَا أُمِرْنَا وَكَذَا كُنَّا نَرَى … فِي عَهْدِهِ أَو عَنْ إِضَافَةٍ عَرَى

والله تعالى أعلم.

(أَنْ يَنْتِفَ الرَّجُلُ الشَّعْرَةَ. . . إلخ) قال القرطبيّ -رحمه الله-: وكراهته -صلى الله عليه وسلم- نَتْف الشيب إنَّما كان؛ لأنه وقارٌ، كما قد روى مالك: "إن أوَّل من رأى الشيب إبراهيم عليه السلام، فقال: يا رب! ما هذا؟ فقال: وقار، قال: يا رب زدني وقارًا"، أو لأنه نورٌ يوم القيامة، كما روى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تنتفوا الشيب! ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كانت له نورًا يوم القيامة"، وفي أخرى: "إلا كتب الله له حسنة، وحطَّ عنه خطيئة". انتهى (١).

وقال النوويّ: هذا متفقٌ عليه، قال أصحابنا، وأصحاب مالك: يُكره، ولا يَحْرم. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "ولا يحرم" فيه نظر لا يخفى، فقد نهى -صلى الله عليه وسلم- نهيًا صريحًا عن نتفه، فقد أخرج أحمد، وأبو داود عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقال: "لا تنتفوا الشيب، فإنه نور المسلم، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام، إلا كتب الله له بها حسنة، ورفعه بها درجة، وحطَّ عنه بها خطيئة"، وهو حديث صحيح.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تنتفوا الشيب، فإنه نور يوم القيامة، ومن شاب شيبة في الإسلام كتب الله له بها حسنة، وحَطّ عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة"، رواه ابن حبان في "صحيحه".

فهذا النهي الصحيح الصريح دليل واضحٌ على تحريم النتف؛ لأن النهي عند جمهور العلماء للتحريم، ما لم يصرفه صارف، ولا صارف هنا، وقد حقّقت هذا في "التحفة المرضيّة"، و"شرحها" في الأصول، فراجعهما (٢) تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.


(١) "المفهم" ٦/ ١٣٢.
(٢) راجع: "التحفة المرضيّة"، و"شرحها" ٣/ ١٩١ - ١٩٨.