للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فالمراد بزِرّها: بيضتها، ويؤيده أن في حديث جابر بن سَمُرة الماضي: "مثل بيضة الحمامة" (١).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وأما زِرّ الحجلة، فبزاي، ثم ياء، والحجلة، بفتح الحاء، والجيم، هذا هو الصحيح المشهور، والمراد بالحجلة: واحدة الحجال، وهي بيت كالقُبّة، لها أزرار كبار، وعُرًى، هذا هو الصواب المشهور الذي قاله الجمهور، وقال بعضهم: المراد بالحجلة: الطائر المعروف، وزِرّها بيضتها، وأشار إليه الترمذيّ، وأنكره عليه العلماء، وقال الخطابيّ: رُوِي أيضًا بتقديم الراء على الزاي، ويكون المراد: البيض، يقال: رَزَّت الجرادة، بفتح الراء، وتشديد الزاي: إذا كَبَست ذَنَبها في الأرض، فباضت، وجاء في "صحيح البخاريّ" (٢): "كانت بَضْعَةً ناشزةً"؛ أي: مرتفعة على جسده. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "مثل زرِّ الحجلة" الرواية المعروفة فيه: "زر" بتقديم الزاي، قال أبو الفرج الجوزيّ: الحجلة: بيت كالقبة يُستر بالثياب، ويُجعل له باب من جنسه، فيه زرّ وعروة، تُشَدُّ إذا أغلق، وقال القاضي أبو الفضل: الزرُّ: الذي يعقد به النساء عرى أحجالهن كأزرار القميص، والحجلة هنا: واحدة الحِجال، وهي ستور ذات سُجوف. وقال غيرهما: الحجلة: هي الطائر المعروف، وَزِرَّها: بيضتها؛ كما قال جابر: بيضة الحمامة.

قال القرطبيّ: والأول أشهر في الزر، والثاني: أشبه بالمعنى، وقد أبعد الخطابيّ، فرواه: رز الحجلة بتقديم الراء، أراد: بيضة الحجلة، يقال: أرزت الجرادة؛ أي: أدخلت ذنبها في الأرض لِتَبِيض.

قال القرطبيّ: وهذا لا يُلْتَفت إليه؛ لأنَّ العرب لا تسمى البيضة رزة، ولا تؤخذ اللغة قياسًا. انتهى (٤).

وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللهُ- في "المشارق": قوله: "مثل زر الحجلة" كذا


(١) "الفتح" ١/ ٥٠٧، كتاب "الوضوء" رقم (١٩٠).
(٢) هكذا عزا النووي في "شرحه" إلى "صحيح البخاريّ"، وهو غلطٌ، وإنما هو عند الترمذيّ في "الشمائل"، كما عزاه إليه في "الفتح"، والله تعالى أعلم.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ٩٨.
(٤) "المفهم" ٦/ ١٣٦ - ١٣٧.