للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والنساء، وفي رواية البخاريّ: "كان رَبْعةً من القوم"، وهو بفتح الراء، وسكون الموحدة؛ أي: مربوعًا، والتأنيث باعتبار النفس، يقال: رجلٌ رَبْعَةٌ، وامرأة ربعةٌ، وقد فسّره في الحديث المذكور بقوله: "ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير"، والمراد بالطويل البائن: المفرط في الطول مع اضطراب القامة، وقد تقدم في حديث البراء -رضي الله عنه- قريبًا أنه قال: "كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مربوعًا"، ووقع في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند الذُّهْليّ في "الزهريات" بإسناد حسن: "كان رَبْعَةً، وهو إلى الطول أقرب" (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "ليس بالطويل البائن"؛ أي: الذي يباين الناس بزيادة طوله، وهو طوله -صلى الله عليه وسلم- الذي عبَّر عنه في الرواية الأخرى: "بالمشذَّب"، وفي الأخرى: "بالممغط" بالعين، والغين؛ أي: المتناهي في الطول، وهو عند العرب: العَشَنَّقُ، والعَشَنَّط. انتهى (٢).

(وَلَا بِالْقَصِيرِ)، وفي رواية: "ولا بالقصير المتردِّد" قال القرطبيّ: أي: الذي تداخل بعضه في بعض، وهو المسمَّى عند العرب بحنبل، وأقصر منه: الحنتل، وكِلا الطرفين مُستقبح عند العرب، وخير الأمور أوساطها، وكذلك كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في جميع أحواله. انتهى (٣).

(وَلَيْسَ بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ) بالميم: شديد البياض كلون الْجِصّ، وهو كَرِيه المنظر، وربما توَهّمه الناظر أبرص، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ- (٤).

وقال القرطبيّ: الأبيض الأمهق؛ أي: الشديد البياض الذي لا يخالط بياضه حمرة، ولا غيرها، والعرب تكرهه؛ لأنَّه يشبه البرص. انتهى (٥).

ووقع في رواية البخاريّ بلفظ: "ليس بأبيض أمهق"، قال في "الفتح": كذا في الأصول، ووقع عند الداوديّ تبعًا لرواية المروزيّ: "أمهق، ليس بأبيض"، واعترضه الداوديّ، وقال عياض: إنه وَهَمٌ، قال: وكذلك رواية من روى: أنه "ليس بالأبيض، ولا الآدم" ليس بصواب، قال الحافظ: كذا قال،


(١) "عمدة القاري" ١٦/ ١٠٥.
(٢) "المفهم" ٦/ ١٣٩.
(٣) "المفهم" ٦/ ١٣٩.
(٤) "شرح النوويّ" ١٥/ ٩٩.
(٥) "المفهم" ٦/ ١٣٩.