للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حِسْبَانًا بالكسر؛ بمعنى: ظننتُ، قاله الفيّوميّ رَحِمَهُ اللهُ (١).

(مِثْلَكَ) بالنصب مفعول أول لـ "حسبتُ"؛ لأنه من أفعال القلوب التي تنصب المبتدأ والخبر، وقد سردها ابن مالك رَحِمَهُ اللهُ في "الخلاصة"، حيث قال:

انْصِبْ بِفِعْلِ الْقَلْبِ جُزْأَيِ ابْتِدَا … أَعْنِي رَأَى خَالَ عَلِمْتُ وَجَدَا

ظَنَّ حَسِبْتُ وَزَعَمْتُ مَعَ عَدّْ … حَجَا دَرَى وَجَعَلَ اللَّذْ كَاعْتَقَدْ

وَهَبْ تَعَلَّمْ وَالَّتِي كَصَيَّرَا … أَيْضًا بِهَا انْصِبْ مُبْتَدًا وَخَبَرَا

وقوله: (مِنْ قَوْمِهِ) متعلّق بصفة لـ "مثلك"، وفي بعض النسخ: "من قومك"، والمراد بقومه بنو هاشم؛ لأنه من مواليهم، ومولى القوم منهم، وقوله: (يَخْفَى عَلَيْهِ ذَاكَ)؛ أي: مقدار عمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يوم مات؛ لأنه من الأمور المشهورة بين بني هاشم، فكيف خفي عليك؟، وقوله: "يخفى" بفتح أوله، وثالثه، من باب تَعِب، والجملة في محل نصب على أنها المفعول الثاني لـ "حسبت". (قَالَ) عمّار (قُلْتُ: إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ النَّاسَ) عن هذه المسألة، ولم يذكر أسماء من سألهم، (فَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَ قَوْلَكَ فِيهِ)؛ أي: لأنك ممن له عناية في تحقيق العلم، ولا سيّما مثل هذه المسألة. (قَالَ) ابن عبّاس -رضي الله عنهما- (أَتَحْسُبُ؟) بضمّ السين، حَسَبْتُ المالَ أحسُبُه بفتح السين في الماضي، وضمّها في المضارع، من باب قَتَلَ حَسْبًا، وحِسْبَة، بالكسر، وحُسْبَانًا، بالضمّ: بمعنى أحصيته عددًا، أفاده الفيّوميّ رَحِمَهُ اللهُ (٢). (قَالَ) عمّار (قُلْتُ: نَعَمْ) أحسُبُ، (قَالَ) ابن عبّاس (أَمْسِكْ أَرْبَعِينَ) سنةً؛ أي: اضبطها، حتى نبني عليها ما بعدها، (بُعِثَ) بالبناء للمفعول، (لَهَا) قال الطيبيّ رَحِمَهُ اللهُ: اللام بمعنى: الوقت، كما في قوله تعالى: {قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: ٢٤]، وقوله: (خَمْسَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ) هكذا النُّسخ، والظاهر أنه حُذف منه العاطف؛ أي: وأمسك خمس عشرة مع الأربعين.

قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم أن قوله: "خمس عشرة" شاذّ، تفرّد به عمار بن أبي عمّار، وقد تقدّم في ترجمته أن البخاريّ قال في "الأوسط" بعد ذكر الحديث: لا يتابَع عليه، فدلّ على أنه مما تفرّد به، وهو مخالف لرواية


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٣٤.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٣٤.