للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وليست عند مالك وأهل المدينة بفرض، وكذلك طهارة البدن، ويدل على ذلك الإجماع على جواز الصلاة بالاستجمار من غير غسل. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بالوجوب هو الحقّ، وأما الاستدلال بمسألة الاستجمار، فغير صحيح؛ لأن الشارع جعل الاستجمار طهارة صحيحة، وإن بقي أثر الخارج؛ تخفيفًا على الناس، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد.

١٢ - (ومنها): تقصير الثوب وعدم إرساله تحت الكعبين؛ لأنه أنقى وأتقى، كما صحّ عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال لشابّ من الأنصار، وقد رَآه يمسّ إزاره الأرض: يا ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربّك (١).

وقد قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِزْرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من ذلك ففي النار" (٢).

فقد جعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الغاية في لباس الإزار الكعب، وتوعد ما تحته بالنار، فما بال رجال يُرسلون أذيالهم، ويطليون ثيابهم، ثم يتكلفون رفعها بأيديهم، وهذه حالة الكبر، وقائدة العُجب، وأشدّ ما في الأمر أنهم يَعصُون، ويُنَجِّسون، ويلحقون أنفسهم بمن لم يجعل الله معه غيره، ولا ألحق به سواه، قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينظر الله إلى مَن جَرّ ثوبه خيلاء"، ولفظ "الصحيح": "مَن جَرَ إزاره خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، قال أبو بكر - رضي الله عنه -: يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لست ممن يصنعه خيلاء"، فَعَمَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنهي، واستثنى الصدّيق، فأراد الأدنياء إلحاق أنفسهم بالرفعاء، وليس ذلك لهم.


(١) رواه البخاريّ في "صحيحه" في "المناقب" رقم (٣٧٠٠).
(٢) حديث صحيح، أخرجه أحمد في "مسنده" بلفظ (١١٤٨٩): "إِزْرة المؤمن إلى نصف الساق، ولا حرج، - أو لا جُناح - فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، ومن جرَّ إزاره بطرًا لم ينظر الله إليه"، وأصله في "الصحيح".