للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الملائكة، ويرى الضوء؛ أي: نور الملائكة، ونور آيات الله تعالى، حتى رأى الملَك بعينه، وشافهه بوحي الله تعالى. انتهى (١).

وقال ابن منظور رَحِمَهُ اللهُ: الضَّوْءُ -بالفتح- والضُّوءُ بالضم: الضياء، وجَمْعه أضواء، وهو الضِّوَاء والضِّيَاء، وفي حديث بدء الوحي: "يسمع الصوت، ويرى الضوء"؛ أي: ما كان يسمع من صوت الملَك، ويراه من نوره، وأنوار آيات ربه، وفي "التهذيب": قال الليث: الضَّوْء والضياء: ما أضاء لك، وقال الزجاج في قوله تعالى: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} الآية [البقرة: ٢٠]: يقال: ضاء السراجُ يضوء، وأضاء يُضيء، قال: واللغة الثانية هي المختارة، وقد يكون الضياء جَمْعًا، وقد ضاءت النارُ، وضاء الشيءُ يَضُوء ضَوْءًا وَضُوءًا، وأضاء يُضيء، ويقال: ضاءت، وأضاءت بمعنًى؛ أي: استنارت، وصارت مضيئةً، وأضاءته يتعدى، ولا يتعدى. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "يسمع الصوت، ويرى الضوء سبع سنين"؛ أي: أصوات الملائكة، والجمادات، والحجارة، فيسلِّمون عليه بالرسالة، كما خرَّجه الترمذيّ عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: كنت مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل، ولا شجر، إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله، قال: هذا حديث حسن غريب. ويعني بالضوء: نور الملائكة، ويَحْتَمِل أن يكون أنوارًا تنوِّر بين يديه في أوقات الظلمة، يُحْجَب عنها غيرُهُ، ولذلك نُقل أنه كان يُبصر بالليل كما يبصر بالنهار؛ ويعني: أن هذه الحالة ثبتت عليه سبع سنين، ثم بعد ذلك أوحى الله إليه؛ أي: جاءه الوحي، وشافهه بالخطاب ثماني سنين، وعلى هذا فكَمُل له بمكة خمس عشرة سنة. انتهى (٣).

(سَبْعَ سِنِينَ، وَلَا يَرَى شَيْئًا)؛ أي: لا يرى ملَكًا، ولا غيره ممن سمع صوته، (وَثَمَانَ سِنِينَ يُوحَى إِلَيْهِ)؛ أي: يأتيه الملك جهرة بالوحي، فيعاينه،


(١) "إكمال المعلم" ٧/ ٣١٩.
(٢) "لسان العرب" ١/ ١١٢.
(٣) "المفهم" ٦/ ١٤٣.