للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية نافع بن جبير: "وأنا الماحي، فإن الله يمحو به سيئات من اتّبعه"، وهذا يُشبه أن يكون من قول الراوي (١).

(وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى عَقِبِي) -بكسر الموحّدة مخففًا على الإفراد، ولبعضهم بالتشديد على التثنية، والموحدة مفتوحة-، قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: الحاشر: اسم فاعل من حَشَر؛ أي: جَمَع؛ فيعني به: أنه الذي يُحشَر الخلقُ يوم القيامة على أثره؛ أي: ليس بينه وبين القيامة نبيّ آخر، ولا أمة أخرى، وهذا كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "بُعثت أنا والساعة كهاتين"، وقَرَن بين أصبعيه: السبابة والوسطى، متّفقٌ عليه. انتهى (٢).

وقال النوويّ: وفي الرواية التالية: "على قدميّ"، قال: فأما الثانية فاتفقت النُّسخ على أنها: "على قدمي"، لكن ضبطوه بتخفيف الياء على الإفراد، وتشديدها على التثنية، وأما الرواية الأولى فهي في معظم النسخ، وفي بعضها: "قدمي" كالثانية، قال العلماء: معناهما: يُحشرون على أَثَري، وزمان نبوّتي، ورسالتي، وليس بعدي نبيّ، وقيل: يتبعوني. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": قوله: "على قدمي"؛ أي: على أَثَري؛ أي: أنه يُحشر قَبْل الناس، ويَحْتَمِل أن يكون المراد بالقَدَم: الزمان؛ أي: وقت قيامي على قدمي بظهور علامات الحشر؛ إشارةً إلى أنه ليس بعده نبيّ، ولا شريعةٌ.

واستُشْكِل التفسير بأنه يقتضي بأنه محشور، فكيف يُفَسَّر به حاشر، وهو اسم فاعل؟

وأجيب بأن إسناد الفعل إلى الفاعل إضافةٌ، والإضافة تصحّ بأدنى ملابسة، فلمّا كان لا أمة بعد أمته؛ لأنه لا نبيّ بعده نُسِب الحشر إليه؛ لأنه يقع عقبه.

ويَحْتَمِل أن يكون معناه: أنه أول من يُحشر، كما جاء في الحديث الآخر: "أنا أول من تنشقّ محنه الأرض"، وقيل: معنى القَدَم: السبب، وقيل: المراد: على مشاهدتي قائمًا لله، شاهدًا على الأمم.


(١) "الفتح" ٨/ ١٨٩، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٣٢).
(٢) "المفهم" ٦/ ١٤٦.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٠٥.