للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَمَّا الذِّكْرُ: فَإنَّهُ شَرِيفٌ فِي نَفْسِه، مُشَرِّفٌ غَيْرَهُ، مُخْبِرٌ عَنْ رَبِّه، وَاجْتَمَعَتْ لَهُ وُجُوهُ الذِّكْرِ الثَّلَاثَةُ.

وَأَمَّا الْمُذَكِّرُ: فَهُوَ الَّذِي يَخْلُقُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ الذِّكْرَ، وَهُوَ الْعِلْمُ الثَّانِي فِي الْحَقِيقَة، وَيَنْطَلِقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا، وَلَقَد اعْتَرَفَ الْخَلْقُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ الرَّبُّ، ثُمَّ ذَهَلُوا، فَذَكَّرَهُم اللهُ بِأَنْبِيَائِه، وَخَتَمَ الذِّكْرَ بِأَفْضَلِ أَصْفِيَائِه، وَقَالَ: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)} [الغاشية: ٢١، ٢٢]، ثُمَّ مَكَّنَهُ مِنَ السَّيْطَرَة، وَآتَاهُ السَّلْطَنَةَ، وَمَكَّنَ لَهُ دِينَهُ فِي الْأَرْضِ.

وَأَمَّا الْهَادِي: فَإِنَّهُ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِهِ النَّجْدَيْنِ.

وَأمَّا الْمُهَاجِرُ: فَهَذِهِ الصِّفَةُ لَهُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ، وَهَجَرَ أَهْلَهُ وَوَطَنَهُ، وَهَجَرَ الْخَلْقَ؛ أُنْسًا بِاللهِ وَطَاعَتِه، فَخَلَا عَنْهُمْ، وَاعْتَزَلَهُمْ، وَاعْتَزَلَ مِنْهُمْ.

وَأَمَّا الْعَامِلُ: فَلِأَنَّهُ قَامَ بِطَاعَةِ رَبِّه، وَوَافَقَ فِعْلُهُ وَاعْتِقَادُهُ.

وَأَمَّا الْمُبَارَكُ: فَبِمَا جَعَلَ اللهُ فِي حَالِهِ مِنْ نَمَاءِ الثَّوَاب، وَفِي حَالِ أَصْحَابِهِ مِنْ فَضَائِلِ الْأَعْمَال، وَفِي أُمَّتِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَدَدِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَمِ.

وَأَمَّا الرَّحْمَةُ: فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧]، فَرَحِمَهُمْ بِهِ فِي الدُّنْيَا مِن الْعَذَاب، وَفِي الْآخِرَةِ بِتَعْجِيلِ الْحِسَاب، وَتَضْعِيفِ الثَّوَاب، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)} [الأنقال: ٣٣].

وَأَمَّا الْآمِرُ وَالنَّاهِي: فَذَلِكَ الْوَصْفُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَاسِطَةَ أُضِيفَ إلَيْهِ؛ إذْ هُوَ الَّذِي يُشَاهَدُ آمِرًا نَاهِيًا، وَيُعْلَمُ بِالدَّلِيلِ أَنَّ ذَلِكَ وَاسِطَةٌ، وَنَقْلٌ عَن الَّذِي لَهُ ذَلِكَ الْوَصْفُ حَقِيقَةً.

وَأمَّا الطَّيِّبُ: فَلَا أَطْيَبَ مِنْهُ -صلى الله عليه وسلم-؛ لِأَنَّهُ سَلِمَ عَنْ خَبَثِ الْقَلْبِ حِينَ رُمِيَتْ مِنْهُ الْعَلَقَةُ السَّوْدَاءُ، وَسَلِمَ عَنْ خَبَثِ الْقَوْل، فَهُوَ الصَّادِقُ الْمُصَدِّقُ، وَسَلِمَ عَنْ خَبَثِ الْفِعْل، فَهُوَ كُلُّهُ طَاعَةٌ.

وَأَمَّا الْكَرِيمُ: فَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْكَرَم، وَهُوَ لَهُ عَلَى التَّمَامِ وَالْكَمَالِ.