للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَمَّا الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَرِّمُ: فَذَلِكَ مُبَيِّنُ الْحَلَالِ وَالْحَرَام، وَذَلِكَ بِالْحَقِيقَةِ هُوَ اللهُ تَعَالَى، كَمَا تَقَدَّمَ، وَالنَّبِيُّ مُتَوَلِّي ذَلِكَ بِالْوَسَاطَةِ وَالرِّسَالَةِ.

وَأَمَّا الْوَاضِعُ، وَالرَّافِعُ: فَهُوَ الَّذِي وَضَعَ الْأَشْيَاءَ مَوَاضِعَهَا بِبَيَانِه، وَرَفَعَ قَوْمًا، وَوَضَعَ آخَرِينَ، وَلذَلِكَ قَالَ الشَّاعِرُ يَوْمَ حُنَيْنٍ حِينَ فُضِّلَ عَلَيْهِ بِالْعَطَاءِ غَيْرُهُ [من المتقارب]:

أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعَبِيـ … دِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ

وَمَا كَانَ بَدْرٌ وَلَا حَابِسٌ … يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي مَجْمَعِ

وَمَا كُنْت دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا … وَمَنْ تَضَعُ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعْ

فَأَلْحَقَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- في الْعَطَاءِ بِمَنْ فَضَّلَ عَنْهُ.

وَأَمَّا الْمُخْبِرُ: فَهُوَ النَّبِيءُ مَهْمُوزًا.

وَأَمَّا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ: فَهُوَ آخِرُهُمْ: وَهِيَ عِبَارَةٌ مَلِيحَةٌ شَرِيفَةٌ، تَشْرِيفًا فِي الْإِخْبَارِ بِالْمَجَازِ عَن الْآخِرِيَّةِ؛ إذْ الْخَتْمُ آخِرُ الْكِتَاب، وَذَلِكَ بِمَا فُضِّلَ بِه، فَشَرِيعَتُهُ بَاقِيَةٌ وَفَضِيلَتُهُ دَائِمَةٌ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ثَانِيَ اثْنَيْنِ فَاقْتِرَانُهُ فِي الْخَبَرِ بِاللهِ (١).

وَأَمَّا مَنْصُورٌ: فَهُوَ الْمُعَانُ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِالْعِزَّةِ وَالظُّهُورِ عَلَى الْأَعْدَاء، وَهَذَا عَامّ فِي الرُّسُل، وَلَهُ أَكْثَرُ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣)} [الصافات: ١٧١ - ١٧٣]، وَقَالَ لَهُ: اُغْزُهُمْ نَمُدَّك، وَقَاتِلْهُمْ نَعُدَّك، وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ عَشْرَةَ أَمْثَالِهِ.

وَأَمَّا أُذُنُ خَيْرٍ: فَهُوَ بِمَا أَعْطَاهُ اللهُ مِنْ فَضِيلَةِ الْإِدْرَاكِ لِقِيلِ الْأَصْوَات، لَا يَعِي مِنْ ذَلِكَ إلَّا خَيْرًا، وَلَا يَسْمَعُ إلَّا أَحْسَنَهُ.

وَأَمَّا الْمُصْطَفَى: فَهُوَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ بِأَنَّهُ صَفْوَةُ الْخَلْق، كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ أَنَّهُ قَالَ: "إنَّ اللهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إبْرَاهِيمَ إسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ وَلَدِ


(١) هكذا في الكتاب، ولم يظهر لي معناه، وأما في الآية فالمراد به: أنه ثاني أبي بكر في الغار، فليُحرّر.