للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حيث قال رَحِمَهُ اللهُ: "ما بال رجال"، ولم يقل: ما بال فلان بتعيينه، سترًا عليه.

٣ - (ومنها) بيان أن الخير كلّه في الاتباع، سواء كان ذلك في العزيمة، أو الرخصة.

٤ - (ومنها): بيان أن استعمال الرخصة بقصد الاتباع في المحل الذي وردت فيه أَولى من استعمال العزيمة، بل ربما كان استعمال العزيمة حينئذ مرجوحًا، كما في إتمام الصلاة في السفر (١)، وربما كان مذمومًا؛ إذا كان رغبةً عن السُّنَّة؛ كترك المسح على الخفين.

ونقل ابن التين عن الداوديّ أن التنزه عما ترخّص فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من أعظم الذنوب؛ لأنه يرى نفسه أتقى دئه تعالى من رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا إلحاد.

قال الحافظ: لا شك في إلحاد من اعتقد ذلك، ولكن الذي اعتَلّ به من أُشيَر إليهم في الحديث أنه غُفر له ما تقدم وما تأخر؛ أي: فإذا ترخص في شيء لم يكن مثل غيره، ممن لم يُغْفَر له ذلك، فيحتاج الذي لم يُغْفَر له إلى الأخذ بالعزيمة والشدة؛ لينجو، فأعلمهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه، وإن كان غفر الله له، لكنه مع ذلك أخشى الناس لله، وأتقاهم، فمهما فعله -صلى الله عليه وسلم- من عزيمة، ورخصة، فهو فيه في غاية التقوى والخشية، لم يحمله التفضل بالمغفرة على ترك الجذ في العمل قيامًا بالشكر، ومهما ترخص فيه، فإنما هو للإعانة على العزيمة؛ ليعملها بنشاط. انتهى (٢).

٥ - (ومنها): أن العبادة الأَولى فيها القصد، وملازمة ما يمكن الدوام عليه.

٦ - (ومنها): أن العلماء هم أخشى الناس دئه تعالى، كما قال الله عز وجل: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} الآية [فاطر: ٢٨].

٧ - (ومنها): أن الرجل الصالح ينبغي أن لا يترك الاجتهاد في العمل اعتمادًا على صلاحه.

٨ - (ومنها): أن الرجل يجوز له الإخبار بفضيلته؛ إذا دعت إلى ذلك


(١) تقدّم في "كتاب الصلاة" أن القصر واجب على القول الراجح؛ لقوّة دليله، فتنبّه.
(٢) "الفتح" ١٧/ ١٧٦، كتاب "الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة" رقم (٧٣٠١).