للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حاجة، فإنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "فوالله لأنا أعلمهم … إلخ " مع أنه نهى عن تزكية النفس، فقال: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: ٣٢].

٩ - (ومنها): جواز الغضب عند ردّ أمر الشرع، ونفوذ الحكم في حال الغضب، والتغير.

وقال النوويّ: وفيه الغضب عند انتهاك حرمات الشرع، وإن كان المنتهك متأوِّلًا تأويلًا باطلًا (١).

١٠ - (ومنها): أن القُرب إلى الله تعالى سبب لزيادة العلم به، وشدة خشيته.

١١ - (ومنها): أن فيه دليلًا على رفق النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأمته، وأن الدين يُسْر، وأن الشريعة حنيفية سمحة.

١٢ - (ومنها): أن فيه الإشارةَ إلى شدة رغبة الصحابة -رضي الله عنهم- في العبادة، وطلبهم الازدياد من الخير (٢).

١٣ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: إنما كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أعلم الناس بالله تعالى؛ لِمَا خصَّه الله تعالى به في أصل الخلقة، من كمال الفطنة، وجَوْدة القريحة، وسداد النظر، وسرعة الإدراك، ولمَا رفع الله تعالى عنه من موانع الإدراك، وقواطع النظر قبل تمامه، ومن اجتمعت له هذه الأمور سَهُل عليه الوصول إلى العلوم النظرية، وصارت في حقه كالضرورية، ثم إن الله تعالى قد أطلعه من علم صفاته وأحكامه، وأحوال العالم كلّه على ما لم يُطْلِع عليه غيره، وهذا كلُّه معلوم من حاله -صلى الله عليه وسلم- بالعقل الصريح، والنقل الصحيح، وإذا كان في علمه بالله تعالى أعلم الناس لزم أن يكون أخشى الناس لله تعالى؛ لأنَّ الخشية منبعثة عن العلم، وبحسبه، كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} الآية [فاطر: ٢٨]، وقد أشار بعض المتصوفة إلى أن علوم الأنبياء ضرورية، وسمّاها كشفًا، وهذا كلام فيه إجمالٌ، ويحتاج إلى استفصال، فيقال لقائله: إن أردت بكونها ضرورية أنها حاصلة في أصل فطرتهم، وأنهم جُبلوا عليها، بحيث لم يستعملوا في شيء منها أفكارهم، ولا حَدّقوا نحوها


(١) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٠٧.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ١/ ١٦٧.