للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) -رضي الله عنه- (أَنَّ النَّاسَ) لم يُسمَّوا، (سَأَلُوا نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ) بالحاء المهملة والفاء؛ أي: ألحّوا، وأكثروا عليه، حتى جعلوه كالحافي، يقال: أحفاه في السؤال: إذا ألحّ عليه، قاله في "الفتح" (١)، وقال القرطبيّ: يقال: أحفى في المسألة، وألحّ بمعنى واحد (٢).

وقال في "العمدة": قوله: "أحفوه" بالحاء المهملة، والفاء؛ أي: ألحوا عليه في السؤال، وأكثروا السؤال عنه، ويقال: أحفيته إذا حملته على أن يبحث عن الخبر، ويقال: أحفى، وألحف، وقال الداوديّ: يريد: سألوه عما يَكره الجواب فيه؛ لئلا يضيق على أمته، وهذا في مسائل الدين، لا في مسائل المال. انتهى (٣).

(فَخَرَجَ) -صلى الله عليه وسلم- (ذَاتَ يَوْمٍ)؛ أي: يومًا من الأيام، وقال في "العمدة" عند قوله: "ذات غداة": لفظة "ذات" زائدة، وقال الداوديّ: لفظة "ذات" بمعنى "في"؛ أي: في غداة، ورَدّ عليه ابن التين بأنه غير صحيح، بل تقديره: في ذات غداة، قال العينيّ: الصواب معه؛ لأنه لم يقل أحد: إن "ذات" بمعنى "في"، ويجوز أن يكون من باب إضافة المسمى إلى اسمه. انتهى (٤).

(فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: "سَلُونِي، لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ، إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ" معناه: أنه أوحي إليه بذلك، (فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْقَوْمُ أَرَمُّوا)؛ أي: سكتوا، وأصله من المرمَّة، وهي؛ الشَّفة، فكأنهم أطبقوا مرمَّاتهم، فلم يحركوها بلفظة، قاله القرطبيّ (٥).

وقال النوويّ: هو بفتح الراء، وتشديد الميم المضمومة؛ أي: سكتوا، وأصله من المرمّة، وهي الشفة؛ أي: ضمّوا شفاههم بعضها على بعض، فلم يتكلموا، ومنه رَمَّت الشاةُ الحشيشَ: ضمّته بشفتيها. انتهى (٦).

(وَرَهِبُوا) بكسر الهاء؛ أي: خافوا (أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ)؛


(١) "الفتح" ١٢/ ٢٦٩.
(٢) "المفهم" ٦/ ١٥٨.
(٣) "عمدة القاري" ٢٢/ ٣١١.
(٤) "عمدة القاري" ٧/ ٧٩.
(٥) "المفهم" ٦/ ١٥٩.
(٦) "شرح النوويّ" ١٥/ ١١٥.