الحائط"، وفي الرواية الأخرى: "لقد عُرضت عليّ الجنة والنار آنفًا في عُرْض هذا الحائط"، وفي البخاري في هذا الحديث: "لقد رأيت الآن -منذ صليت لكم الصلاة- الجنة والنار ممثلتين في قبلة هذا الجدار" ظاهر هذه الروايات -وإن اختلفت ألفاظها-: أنه -صلى الله عليه وسلم- رأى مثال الجنة والنار في الجدار الذي استقبله، مصوَّرتين فيه، وهذا لا إحالة فيه، كما تتمثل المرئيات في الأجسام الصقيلة.
يبقى أن يقال: فالحائط ليس بصقيل، ويجاب بأن اشتراط الصقالة في ذلك ليس بشرط عقليّ، بل عاديّ، وذلك محل خرق العادة، ووقتها، فيجوز أن يمثّلها الله تعالى فيما ليس بصقيل، هذا على مقتضى ظاهر هذا الحديث، وأما على مقتضى ظاهر أحاديث الكسوف، فيكون رآهما حقيقة، ومَدَّ يده ليأخذ قطفًا من الجنة، ورأى النار، وتأخر مخافة أن يصيبه لَفْحها، ورأى فيها فلانًا، وفلانة، وبمجموع الحديثين تَحَصَّل أن الله تعالى أطلع نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- على الجنة والنار مرتين:
إحداهما: في صلاة الكسوف اطّلاعَ رؤية، كما فصلناه في الكسوف.
وثانيتهما: هذه الاطلاعة، وكانت في صلاة الظهر، كما قد جاء في الرواية التي سبقت، أنه -صلى الله عليه وسلم- خرج حين زاغت الشمس، فصلَّى لهم صلاة الظهر، فلما سلم قام على المنبر، فذكر الساعة. . . الحديث، وذكر نحو ما تقدَّم. انتهى (١).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه قريبًا، ولله الحمد والمنّة.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكتاب قال: