وقوله:(وَلَا يَرَانِي) جملة حاليّة؛ أي؛ والحال أنه لا يستطيع أن يراني، وذلك بسبب موته -صلى الله عليه وسلم-، (ثُمَّ لأَنْ يَرَانِي أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِه، وَمَالِهِ مَعَهُمْ")؛ أي: مع أهله وماله.
قال الجامع عفا الله عنه: لفظ "صحيفة همام": "والذي نفسي بيده ليأتين على أحدكم يومٌ لا يراني، ثم لأن يراني أحبّ إليه من مثل أهله، وماله معهم"، والظاهر أنه سقط من رواية مسلم لفظة: "مثل"، وعلى هذا فمعنى قوله: "معهم"؛ أي: مع أهله وماله؛ يعني: أنه يكون له أهل ومال مع أهله وماله الذين معه، فيفضّل رؤيته -صلى الله عليه وسلم- على هذا كلّه، فلا تقديم ولا تأخير، والله تعالى أعلم.
(قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ) إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه النيسابوريّ تلميذ الإمام مسلم بن الحجّاج، راوية "صحيحه"، المتوفّى في رجب سنة (٣٠٨ هـ) تقدّمت ترجمته في "المقدّمة" ٦/ ٧٣.
(الْمَعْنَى) المراد (فِيهِ)؛ أي: في هذا الكلام (عِنْدِي: لأَنْ يَرَانِي مَعَهُمْ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَهُوَ عِنْدِي مُقَدَّمٌ، وَمُؤَخَّرٌ)؛ يعني: أن قوله: "معهم" كان حقّه التقديم على "أحبّ إليه. . . إلخ"، هذا هو ما اقتضاه ظاهر كلام أبي إسحاق.
وقال النوويّ: هذا الذي قاله أبو إسحاق هو الذي قاله القاضي عياض، واقتصر عليه، قال: تقديره؛ لأن يراني معهم أحبّ إليه من أهله وماله، ثم لا يراني، وكذا جاء في "مسند سعيد بن منصور": "ليأتينّ على أحدكم يومٌ؛ لأن يراني أحبّ إليه من أن يكون له مثل أهله وماله، ثم لا يراني"؛ أي: رؤيته إياي أفضل عنده، وأحظى من أهله وماله، هذا كلام القاضي.
والظاهر أن قوله في تقديم: لأن يراني، وتأخير: من أهله لا يراني، كما قال، وأما لفظة "معهم" فعلى ظاهرها، وفي موضعها، وتقدير الكلام: يأتي على أحدكم يومٌ؛ لأن يراني فيه لحظةً، ثم لا يراني بعدها، أحبّ إليه من أهله وماله جميعًا.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله النوويّ من أن التقديم والتأخير في قوله: "لأن يراني"، وقوله: "ثم لا يراني" غير واضح من كلام أبي