للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمد بن مسلم الزهريّ (أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف (أَخْبَرَهُ)؛ أي: ابنَ شهاب، (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ)؛ أي: بعيسى ابن مريم -عَلَيْهِ السَّلامُ-؛ أي: أخصّ الناس به، وأقربهم إليه؛ لأنه بَشَّر بأنه يأتي من بعدي رسول اسمه أحمد، وقيل: لأنه لا نبيّ بينهما، فكأنهما كانا في زمن واحد (١).

وقال في "الفتح": قوله: "أنا أولى الناس بابن مريم" في رواية عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة: "بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة"؛ أي: أَخَصّ الناس به، وأقربهم إليه؛ لأنه بَشَّر بأنه يأتي من بعده، قال الكرمانيّ (٢): التوفيق بين هذا الحديث، وبين قوله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} الآية [آل عمران: ٦٨] أن الحديث وارد في كونه -صلى الله عليه وسلم- متبوعًا، والآية واردة في كونه تابعًا.

وتعقّبه الحافظ، فقال: كذا قال، ومساق الحديث كمساق الآية، فلا دليل على هذه التفرقة، والحقّ أنه لا منافاة لِيُحتاج إلى الجمع، فكما أنه أولى الناس بإبراهيم، كذلك هو أَولى الناس بعيسى، ذاك من جهة قُوّة الاقتداء به، وهذا من جهة قوّة قرب العهد به. انتهى (٣).

(الأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ) بفتح العين المهملة، وتشديد اللام، وفي آخره تاء مثناة من فوقُ، وهم الإخوة لأب، من أمهات شَتّى، كما أن الإخوة من الأمّ فقط، أولاد أخياف، والإخوة من الأبوين أولاد أعيان، ومعناه أن أصولهم واحدة، وفروعهم مختلفة؛ يعني: أنهم متفقون فيما يتعلق بالاعتقاديات المسماة بأصول الديانات؛ كالتوحيد، وسائر مسائل علم الكلام، مختلفون فيما يتعلق بالعمليات، وهي الفقهيات، ويقال: سُميت أولادُ الرجل من نسوة شتّى: إخوة عَلّات؛ لأنهم أولاد ضرائر، والعلات: الضرائر، وقيل: لأن التي تزوجها على


(١) "عمدة القاري" ١٦/ ٣٦.
(٢) "شرح صحيح البخاريّ" للكرمانيّ ١٤/ ٨٤.
(٣) "الفتح" ٨/ ٨٣، كتاب "أحاديث الأنبياء" رقم (٣٤٤٣).