للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَفِي الوَلائِمِ أَوْلادًا لِوَاحِدَةٍ … وَفِي العِبَادَةِ (١) أَوْلادًا لِعَلَّاتِ

وأولاد الأعيان أولاد الأبوين، وأولاد الأخياف عكس العلات، وقد جمعت ذلك، فقلت [من الكامل]:

وَمَتَى أَرَدْتَ تَمَيُّزَ الأَعْيَانِ … فَهُمُ الَّذِينَ يَضُمُّهُمْ أَبَوَانِ

أَخْيَافُ أُمٍّ لَيْسَ يَجْمَعُهُمْ أَبٌ … وَبِعَكْسِهِ العَلَّاتُ يَفْتَرِقَانِ

وقال في "الفتح": قوله: "والأنبياء أولاد علات" في رواية عبد الرحمن المذكورة: "والأنبياء إخوة لعلات"، والعلات، بفتح المهملة: الضرائر، وأصله أن من تزوج امرأة، ثم تزوج أخرى كأنه عَلَّ منها، والْعَلَلُ الشرب بعد الشرب، وأولاد العلات: الإخوة من الأب، وأمهاتهم شتى، وقد بيّنه في رواية عبد الرحمن فقال: "وأمهاتهم شتى، ودينهم واحد"، وهو من باب التفسير؛ كقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١)} [المعارج: ١٩ - ٢١].

ومعنى الحديث: أن أصل دينهم واحد، وهو التوحيد، وإن اختلفت فروع الشرائع، وقيل: المراد أن أزمنتهم مختلفة (٢).

(وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ") هذا أورده كالشاهد لقوله: "إنه أقرب الناس إليه ووقع في رواية عبد الرحمن بن آدم: "وأنا أَولى الناس بعيسى؛ لأنه لم يكن بيني وبينه نبيّ"، واستدل به على أنه لم يُبعث بعد عيسى أحد إلا نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وفيه نظرٌ؛ لأنه ورد أن الرسل الثلاثة الذين أُرسلوا إلى أصحاب القرية المذكورة قصتهم في سورة (يس) كانوا من أتباع عيسى، وأن جرجيس، وخالد بن سنان كانا نبيين، وكانا بعد عيسى.

والجواب: أن هذا الحديث يضعّف ما ورد من ذلك، فإنه صحيح بلا تردد، وفي غيره مقال، أو المراد أنه لم يُبعث بعد عيسى نبي بشريعة مستقلة، وإنما بُعث بعده من بُعث بتقرير شريعة عيسى.

قال الحافظ: وقصة خالد بن سنان أخرجها الحاكم في "المستدرك" من


(١) تقدّم عن "اللسان" بلفظ: "وفي المآتم".
(٢) "الفتح" ٨/ ٨٣، كتاب "أحاديث الأنبياء" رقم (٣٤٤٣).