ولا يلزم من ذلك تناقض، ولا نَسْخ، ولا مُحال، وهذا واضح، وحسنٌ جدًّا، فاغتبِط به، وشدَّ عليه يدًا. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١)، وهو بحث مفيدٌ، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤١/ ٦١٢٠ و ٦١٢١ و ٦١٢٢](٢٣٦٩)، و (أبو داود) في "السُّنَّة"(٤٦٧٢)، و (الترمذيّ) في "التفسير"(٣٣٤٩)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٦/ ٥٢٠)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(٦/ ٣٢٩)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ١٧٨ و ١٨٤)، و (أبو يعلى) في "مسنده"(٧/ ٣٩ و ٤٠)، و (تمّام) في "فوائده"(١/ ٥٥ و ٢٦٢)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائد:
١ - (منها): بيان فضيلة إبراهيم الخليل -عَلَيْهِ السَّلام- حيث كان خير البريّة.
٢ - (ومنها): بيان تواضع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حيث نَسَب الخيريّة لأبيه إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلام- مع أنه سيّد ولد آدم كلّهم.
٣ - (ومنها): أن هذا الحديث حجة لمن قال بتفضيل خواصّ البشر؛ كالأنبياء على الملائكة وغيرهم؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أقرّ الرجل على قوله:"يا خير البريّة"، والبريّة معناها: الخَلْق، فيشمل الجميع، وهذه المسألة قد استوفيت بحثها في "شرح النسائيّ"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
٤ - (ومنها): ما قاله البيهقيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "شُعَبه": قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} الآية [البقرة: ٢٥٣] يدلّ على تفضيل بعضهم على بعض، وقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُفضِّلوا بين أنبياء الله"، وقوله:"لا تُخَيِّروا بين أنبياء الله"، إنما هو في محاولة أهل الكتاب على معنى الإزراء ببعضهم، فإنه ربما أدَّى ذلك إلى فساد الاعتقاد فيهم، والإقلال الواجب من حقوقهم، أما إذا كانت