للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١).

٣ - (ومنها): ما قال المهلَّب -رَحِمَهُ اللهُ-: ليس اختتان إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلام- بعد ثمانين مما يوجب علينا مثل فعله؛ إذ عامة من يموت من الناس لا يبلغ الثمانين، وإنما اختتن وقت أوحى الله إليه بذلك، وأَمَره به، قال: والنظر يقتضي أنه لا ينبغي الاختتان إلا قرب وقت الحاجة إليه؛ لاستعمال العضو في الجماع، كما وقع لابن عباس حيث قال: "كانوا لا يختنون الرجل حتى يُدرك"، ثم قال: والاختتان في الصغر؛ لتسهيل الأمر على الصغير؛ لِضَعف عضوه، وقلة فهمه.

قال الحافظ: يُستدلّ بقصة إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلام- لمشروعية الختان، حتى لو أُخِّر لمانع حتى بلغ السن المذكور لم يسقط طلبه، وإلى ذلك أشار البخاريّ بالترجمة -أي: حيث قال: "باب الختان بعد الكِبَر"- وليس المراد أن الختان يُشرع تأخيره إلى الكبر، حتى يحتاج إلى الاعتذار عنه، وأما التعليل الذي ذكره من طريق النظر ففيه نظر، فإن حكمة الختان لم تنحصر في تكميل ما يتعلق بالجماع، بل ولمَا يُخشى من انحباس بقية البول في الغُرْلة، ولا سيما للمستجمر، فلا يؤمَن أن يسيل، فينجس الثوب، أو البدن، فكانت المبادرة لِقَطْعها عند بلوغ السن الذي يؤمر به الصبي بالصلاة أليق الأوقات، وقد بيّنت الاختلاف في الوقت الذي يُشرع فيه فيما مضى. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكتاب قال:

[٦١٢٤] (١٥١) (٣) - (وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ؛ إِذْ قَالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠]، وَيَرْحَمُ اللهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ، لأَجَبْتُ الدَّاعِيَ").


(١) "المفهم" ٦/ ١٨٣.
(٢) "الفتح" ١٤/ ٢٦٧ - ٢٦٨، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٩٨).
(٣) هذا الرقم تقدّم، فهو مكرّر، فتنبّه.