للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ) هكذا رواية جرير بن حازم عن أيوب مرفوعة، ووقع في رواية حمّاد بن زيد عن أيوب عند البخاريّ غير مرفوع، قال في "الفتح": أورده البخاريّ من وجهين عن أيوب، وساقه على لفظ حماد بن زيد، عن أيوب، ولم يقع التصريح برفعه في روايته، وقد رواه في "النكاح" عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، فصرّح برفعه، لكن لم يَسُق لفظه، ولم يقع رَفْعه هنا في رواية النسفيّ، ولا كريمة، وهو المعتمَد في رواية حماد بن زيد، وكذا رواه عبد الرزاق، عن معمر، غير مرفوع، والحديث في الأصل مرفوع، كما في رواية جرير بن حازم، وكما في رواية هشام بن حسّان، عن ابن سيرين، عند النسائيّ، والبزار، وابن حبان، وكذا تقدم في "البيوع" من رواية الأعرج، عن أبي هريرة، مرفوعًا، ولكن ابن سيرين كان غالبًا لا يصرّح برفع كثير من حديثه. انتهى (١).

("لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قَطُّ)؛ أي: فيما مضى من الزمن، (إِلَّا ثَلَاثَ كذَبَاتٍ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قد تقدَّم الكلام على هذه الكذبات في "كتاب الإيمان"، وذكرنا هناك أنها أربع، زيد فيها قوله للكوكب: {هَذَا رَبِّي} [الأنعام: ٧٧]، ولم يذكرها في هذا الحديث، مع أنه قد جاء بلفظ الحصر، فينبغي ألا يقال عليها كذبة في حق إبراهيم؛ إذ قد نفاها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بهذا الحصر؛ وإنَّما لم تُعَدّ عليه كذبة، وهي أدخل في الكذب من هذه الثلاث؛ لأنَّه -والله أعلم- حين قال ذلك في حال الطفولية، وليست حال تكليف، ويقوي هذا المعنى قول من حكى عنه ذلك، كما تقدَّم في "الإيمان". انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "ثلاث كذبات"، قال أبو البقاء: الجيِّد أن يقال: بفتح الذال في الجمع؛ لأنه جمع كَذْبة بسكون الذال، وهو اسم، لا صفة؛ لأنك تقول: كَذَبَ كَذْبَةً، كما تقول: رَكَعَ رَكْعَةً، ولو كان صفة لسُكّن في الجمع.


(١) "الفتح" ٧/ ٦٤٧، كتاب "الأنبياء" رقم (٣٣٥٧ و ٣٣٥٨).
(٢) "المفهم" ٦/ ١٨٤.