للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرج أبو داود عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: "كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا حَزَبَه أمر صلى" (١).

(فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ، لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا) "أن" مصدريّة،

والمصدر المؤوّل مجرور بحرف جرّ محذوف قياسًا، كما قال في "الخلاصة":

وَعَدِّ لَازِمًا بِحَرْفِ جَرِّ … وَإِنْ حُذِفْ فَالنَّصْبُ لِلْمُنْجَرِّ

نَقْلًا وَفي "أَنَّ"، و"أَنْ" يَطَّرِدُ … مَعْ أَمْنِ لَبْسٍ كَـ "عَجِبْتُ أَنْ يَدُوا"

والمعنى: لم يملك نفسه عن بسط يدها إليها.

(فَقُبِضَتْ) بالبناء للمفعول، (يَدُهُ قَبْضَةً شَدِيدَةً)، وفي رواية للبخاريّ: "فلما دخلت عليه، ذهب يتناولها بيده، فَأُخِذ"، كذا في أكثر الروايات، وفي بعضها: "ذهب يناولها يده"، وفي رواية أبي الزناد، عن الأعرج، من الزيادة: "فقام إليها، فقامت توضأ، وتصلي، فقالت: اللهم إن كنت آمنت بك، وبرسولك، وأحصنت فرجي، إلا على زوجي، فلا تسلط عليّ الكافر، فغُطّ حتى رَكَض برجله".

وقوله في هذه الرواية: "فغُطّ" هو بضم المعجمة في أوله، وقوله: "حتى رَكَض برجله"؛ يعني: أنه اختَنَقَ، حتى صار كأنه مصروع، قيل: الغَطّ صوت النائم من شدّة النفخ، وحَكَى ابن التين أنه ضُبط في بعض الأصول: فَغَطّ بفتح الغين، والصواب ضمّها.

ويمكن الجمع بأنه عوقب تارةً بقبض يده، وتارةً بصراعه.

وقوله: "فدَعَت" من الدعاء، وقولها: "اللهم إن كنت تعلم. . . إلخ" مع كونها قاطعةً بأنه سبحانه وتعالى يعلم ذلك محمول على أنها ذكرته على سبيل الفرض هضمًا لنفسها، أفاده في "الفتح" (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن "إن" هنا ليست للشكّ، بل للتحقيق، والتأكيد، فهي بمعنى: "إذ" على مذهب الكوفيين، كما بيّنه ابن هشام في "المغني" (٣)، وحملوا عليه قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، ويقول


(١) حديث حسن، أخرجه أبو داود في "سننه" ٢/ ٣٥.
(٢) "الفتح" ٧/ ٦٤٧ - ٦٤٩، كتاب "الأنبياء رقم (٣٣٥٧ و ٣٣٥٨).
(٣) راجع: "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" ١/ ٦٢.