للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان من المعتبرين المفكّرين، وهذا نبيّ الله عيسى ابن مريم -عَلَيْهِ السَّلَام- كان يحيي الموتى بإذن الله، ويشفي المرضى بدعائه، وهذا معلوم حسبما أخبرنا الله سبحانه في كتابه الكريم، وفي الإنجيل من القصص المتضمنة لإحياء الموتي، وشفاء المرضى بدعائه، ما يعرفه من اطلع عليه.

وبالجملة فهؤلاء الغُلاة الذين قالوا: إنه لا يقع من الله إلَّا ما قد سبق به العلم، وإن ذلك لا يتحوّل، ولا يتبدل، ولا يؤثّر فيه دعاء، ولا عمل صالح، فقد خالفوا ما قدمنا من آيات كتاب الله العزيز، ومن الأحاديث النبويّة الصحيحة، من غير ملجئ إلى ذلك، فقد أمكن الجمع على ما قدمناه، وهو متعيّن، وتقديم الجمع على الترجيح متَّفقٌ عليه، وهو الحقّ.

وقالوا: إن الله لا يعلم بالجزئيات، إلَّا عند وقوعها تعالى عن ذلك، وهذا قول باطل، يخالف كتاب الله -عَزَّ وجل-، وسُنَّة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإجماع المسلمين، وقد تبرّأ من مقالة مَعْبَد هذه، وأصحابه من أدركهم من الصحابة، منهم ابن عمر، كما ثبت ذلك في "الصحيح" (١).

وقد غَلِط من نسب مقالتهم إلى المعتزلة، فإنه لَمْ يقل بها أحد منهم قط، وكتبهم مصرّحة بهذا، ناطقة به، ولا حاجة لنا إلى نقل مقالات الرجال، فقد قدمنا من أدلة الكتاب والسنن، والجمع بينهما ما يكفي المنصف، ويُريحه من الأبحاث الطويلة العريضة الواقعة في هذه المسائل، ومن الإلزامات التي ألزم بها بعض القائلين البعض الآخر، ودين الله سبحانه بين المفرّط والغالي، وفي هذا القَدْر كفاية لمن له هداية، والله وليّ التوفيق. تمّت. انتهت الرسالة.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي حققه الإمام الشوكانيّ رحمه الله تعالى، من أن الصواب قول من قال: إن العمر يزيد، وينقص، وتقدم عن شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله تعالى قوله: إنه الصواب، هو الحقّ عندي؛ لموافقته لظواهر الكتاب والسُّنن الصحيحة، كما سبق تقريره في كلام الشوكانيّ رحمه الله تعالى.

[خاتمة]: مما يدلّ على زيادة العمر ونقصه، ويؤيّد القول الراجح الذي


(١) أي: "صحيح مسلم"، وقد تقدّم في كتاب "الإيمان".