للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): بيان أن الله تعالى يُكرم بعض عباده في قبورهم بما شاءوا من أنواع العبادة؛ كالصلاة، كما ثبت في موسى -عَلَيْهِ السَّلَام- نصًّا، وكذا في عيسى -عَلَيْهِ السَّلَام- أيضًا، وكما سبق في قصّة ثابت البناء، فقد أخرج ابن الجعد في "مسنده"، فقال:

(١٣٧٩) - حَدَّثَنَا الوليد بن شجاع، نا ضمرة، نا ابن شوذب، قال: سمعت ثابتًا البنانيّ يقول: اللهم إن كنت أعطيت أحدًا أن يصلّي في قبره، فأعطني ذلك (١).

(١٣٨٠) - حَدَّثَنَا علي بن مسلم، نا سيار، نا جعفر (٢)، قال: سمعت ثابتًا البنانيّ يقول: اللهم إن كنت أَذِنت لأحد أن يصلي في قبره، فَأْذن لي أن أصلي في قبري (٣) (٤).

وهذا لا يُستغرب، ولا يُستبعد، فإن البرزخ من عالم الآخرة، وقد ثبت في النصوص قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت: ٣١]، وقد أخرج البخاريّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "صحيحه" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يومًا يحدّث، وعنده رجل من أهل البادية: "أن


(١) قال الجامع: هذا إسناد صحيح.
(٢) قال الجامع: هذا حديث حسن، وفيه سيار بن حاتم، متكلَّم فيه، وقال في "التقريب": صدوقٌ، له أوهام، لكن يشهد له الحديث السابق، فلذا حسّنته، فتنبّه.
(٣) "مسند ابن الجعد" ١/ ٢٠٩.
(٤) أخرج أبو نعيم -رَحِمَهُ اللهُ- في "حلية الأولياء" ٢/ ٣١٩ بسنده عن محمد بن سنان القزّاز، عن شيبان بن جسر، عن أبيه قال: أنا والله الذي لا إله إلَّا هو أدخلت ثابتًا البنانيّ لَحْده، ومعي حميد الطويل، أو رجل غيره -شك محمد- قال: فلما سوينا عليه اللبن، سقطت لبنة، فإذا أنا به يصلي في قبره، فقلت للذي معي: ألا ترى؟ قال: اسكت، فلمّا سوينا عليه، وفرغنا، أتينا ابنته، فقلنا لها: ما كان عمل أبيك ثابت؟ فقالت: وما رأيتم؟ فأخبرناها، فقالت: كان يقوم الليل خمسين سنة، فإذا كان السَّحَر قال في دعائه: اللهم إن كنت أعطيت أحدًا من خلقك الصلاة في قبره، فأعطنيها، فما كان الله ليردّ ذلك الدعاء. انتهى.
قال الجامع: لَمْ أعرف رجال إسناده، والله أعلم.