للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: قِيلَ) لَمْ يُعرف القائل (١). (يَا رَسُولَ الله، مَنْ أَكرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ("أَتْقَاهُمْ") خبر لمبتدأ محذوف دلّ عليه السؤال؛ أي: أكرمهم أتقاهم؛ أي: أشدهم تقوي، وهو موافق لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣]. (قَالُوا)؛ أي: الصحابة السائلون، (لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ("فَيُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ ابْنُ نَبِيِّ اللهِ ابْنِ نَبِيِّ اللهِ ابْنِ خَلِيلِ اللهِ" وفي رواية للبخاريّ: "فأكرم الناس يوسف نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن خليل الله".

ووقع في نسخة شرح النوويّ -عَلَيْهِ السَّلَام- بحذف "ابن نبيّ الله" الثالث، ولذا قال في "شرحه": هكذا وقع في مسلم: "نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن خليل الله"، وفي روايات للبخاريّ كذلك، وفي بعضها: "نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن خليل الله"، وهذه الرواية هي الأصل، وأما الأُولى فمختصرة منها، فإنه يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فنسبه في الأُولى إلى جدّه، ويقال: يوسف بضم السين، وكسرها، وفتحها، مع الهمز، وتَرْكه، فهي ستة أوجه.

قال العلماء: وأصل الكرم كثرة الخير، وقد جمع يوسف - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكارم الأخلاق، مع شرف النبوة، مع شرف النسب، وكونه نبيًّا ابن ثلاثة أنبياء، متناسلين، أحدهم خليل الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وانضم إليه شَرَف علم الرؤيا، وتمكّنه فيه، ورياسة الدنيا، وملكها بالسيرة الجميلة، وحياطته للرعية، وعموم نفعه إياهم، وشفقته عليهم، وإنقاذه إياهم من تلك السنين، والله أعلم.

قال العلماء: لَمّا سئل - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أي الناس أكرم؟ أخبر بأكمل الكرم، وأعمّه، فقال: أتقاهم لله، وقد ذكرنا أن أصل الكرم كثرة الخير، ومن كان متقيًا كان كثير الخير، وكثير الفائدة في الدنيا، وصاحب الدرجات العلا في الآخرة، فلما قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: يوسف الذي جمع خيرات الآخرة والدنيا، وشَرَفهما، فلما قالوا: ليس عن هذا نسأل، فَهِم عنهم أن


(١) "تنبيه العلم" ص ٤٠٣.