للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "إنما هو موسى آخر" رُوي بتنوين "موسى"، وبغير تنوين، أما وجه التنوين، فلأنه منصرف؛ لكونه نكرةً، قال ابن مالك: قد يُنَكَّر العَلَم تحقيقًا، أو تقديرًا، فيجري مجرى نكرة، وجعل هذا مثال التحقيقي، وأما وجه ترك التنوين فظاهر، وأما لفظة "آخر"، فإنه غير منصرف؛ للوصفية الأصلية، ووزن الفعل، فلا ينوّن على كل حال (١).

وقال في "الفتح": قوله: "إنما هو مُوسَى آخر" كذا في روايتنا بغير تنوين فيهما، وهو عَلَم على شخص معين، قالوا: إنه موسى بن مِيشا -بكسر الميم، وبالشين المعجمة- وجزم بعضهم أنه منوّن مصروف؛ لأنه نكرة، ونقل عن ابن مالك أنه جعله مثالًا للعَلَم إذا نُكِّر تخفيفًا. قال: وفيه بحث. انتهى (٢).

وقال في "العمدة": قوله: "يزعم أن موسى … إلخ"؛ أي: يزعم نوف أن موسى صاحب الخضر -عَلَيْهِم السَّلَامْ- الذي قَصّ الله تعالى علينا في "سورة الكهف" ليس موسى بن عمران الذي أُرسل إلى فرعون، وإنما هو موسى بن مِيشا -بكسر الميم، وسكون الياء آخر الحروف، وبالشين المعجمة- وميشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عَلَيْهِم السَّلَامْ - وهو أول موسى، وهو أيضًا نبيّ مرسلٌ، وزعم أهل التوراة أنه هو صاحب الخضر، والذي ثبت في "الصحيح" أنه موسى بن عمران -عليه الصلاة والسلام- انتهى (٣).

[تنبيه]: السائل في هذه القصّة هو سعيد بن جبير، والمجيب ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقد اتّفق قبل هذا أن ابن عباس -رضي الله عنهما- تمارى هو والحر بن قيس -كما سيأتي في آخر الباب- في صاحب موسى الذي سأل موسى السبيل إلى لقيّه، فقال ابن عباس: هو خضر، فمرّ بهما أُبيّ بن كعب - رضي الله عنه -، فسأله ابن عباس، فأخبره، فيَحْتَمِل أن يكون سعيد بن جبير سأل ابن عباس بعد الوقعة الأُولى المتقدمة لابن عباس والحرّ، فأخبره ابن عباس لمّا سأله عن قول نوف: إن موسى ليس موسى بني إسرائيل.

وجاء أيضًا أن السائل غير سعيد بن جبير، فرُوي عن سعيد أنه قال:


(١) "عمدة القاري" ٢/ ١٩٠.
(٢) "الفتح" ١/ ٣٨١.
(٣) "عمدة القاري" ٢/ ١٩٣.