للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا يعارض منصوص الشرع، فلا يَسُوغ الإقدام على قتل النفس، ممن يتوقع منه أن يقتل أنفسًا كثيرة قبل أن يتعاطى شيئًا من ذلك، وإنما فَعَل الخضر ذلك؛ لإطلاع الله تعالى عليه.

وقال ابن بطال: قول الخضر: "وأما الغلام فكان كافرًا" هو باعتبار ما يئول إليه أمره أن لو عاش حتى يَبْلُغ، واستحباب مثل هذا القتل لا يعلمه إلا الله، ولله أن يحكم في خلقه بما يشاء قبل البلوغ وبعده. انتهى.

ويَحْتَمِل أن يكون جواز تكليف المميَّز قبل أن يبلغ كان في تلك الشريعة، فيرتفع الإشكال.

وفيه: جواز الإخبار بالتعب، ويُلحَق به الألم، من مرض، ونحوه، ومحل ذلك إذا كان على غير سَخَط من المقدور.

وفيه: أن المتوجه إلى ربه يُعان، فلا يُسرع إليه النَّصَب والجوع، بخلاف المتوجه إلى غيره، كما في قصة موسى -عليه السلام- في توجهه إلى ميقات ربه، وذلك في طاعة ربه، فلم يُنقل عنه أنه تَعِبَ، ولا طلب غداء، ولا رافق أحدًا، وأما في توجهه إلى مَدْين، فكان في حاجة نفسه، فأصابه الجوع، وفي توجهه إلى الخضر لحاجة نفسه أيضًا، فتعب، وجاع.

وفيه: جواز طلب القوت، وطلب الضيافة.

وفيه: قيام العذر بالمرّة الواحدة، وقيام الحجة بالثانية، قال ابن عطية: يُشبه أن يكون هذا أصل مالك في ضرب الآجال في الأحكام إلى ثلاثة أيام، وفي التلوّم ونحو ذلك.

وفيه: حسن الأدب مع الله تعالى، وأن لا يضاف إليه ما يُستهجن لفظه، وإن كان الكل بتقديره وخَلْقه؛ لقول الخضر عن السفينة: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا}؛ وعن الجدار: {فَأَرَادَ رَبُّكَ}، ومثل هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "والخير بيديك، والشرّ ليس إليك". انتهى، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّلَ الكتاب قال:

[٦١٤٦] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ (ح) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، كِلَاهُمَا