للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذَكَر أحدًا، فدعا له بدأ بنفسه، فقال ذات يوم: "رحمة الله علينا، وعلى موسى، لو لَبِث مع صاحبه لأبصر العجب العاجب، ولكنه قال: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: ٧٦] ". انتهى (١).

وأما رواية عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، فقد ساقها النسائيّ -رحمه الله- في "الكبرى" مطوّلةً، فقال:

(٥٨٤٤) - أنبأ أحمد بن سليمان، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أنبأ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: حدّثني أُبَيّ بن كعب، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "رحمة الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عجل، واستحيا، وأخذته ذَمَامةٌ من صاحبه، فقال: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي} لرأى من صاحبه عجبًا"، قال: وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر نبيًّا من الأنبياء بدأ بنفسه، فقال: "رحمة الله علينا وعلى أخي صالح، رحمة الله علينا وعلى أخي عاد (٢) -ثم قال- إن موسى -صلى الله عليه وسلم- بينما هو يخطب قومه ذات يوم؛ إذ قال لهم: ما في الأرض أعلم مني، فأوحى الله إليه أن في الأرض من هو أعلم منك، وآية ذلك أن تزوّد حوتًا مالِحًا، فإذا فقدته فهو حيث فقدته، فانطلق هو وفتاه، حتى بلغ المكان الذي أُمروا به، فلما انتهوا إلى الصخرة انطلق موسى -صلى الله عليه وسلم- يطلب، ووضع فتاه الحوت على الصخرة، فاضطرب، فاتخذ سبيله في البحر سربًا، فقال فتاه: إذا جاء نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم- حدثته، فأنساه الشيطان، فانطلقا، فأصابهما ما يصيب المسافر من النَّصَب والكَلال، ولم يكن يصيبه ما يصيب المسافر من النصب والكَلال، حتى جاز ما أمر به، قال موسى لفتاه: {آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: ٦٢]، فقال له فتاه: يا نبيّ الله أرأيت إذا أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت


(١) "سُنن أبي داود" ٤/ ٢٢٧.
(٢) المراد بأخي عاد هو: هود -عليه السلام-؛ أي: صاحب عاد، كما قال الله -عز وجل-: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ} الآية، وأما قوله: "أخي صالح" فأخي مضاف إلى ضمير النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وصالح بدل منه، فليُتنبّه.