أن أحدثك، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره، واتخذ سبيله في البحر عجبًا، قال: ذلك ما كنا نبغي، فرجعا على آثارهما قصصًا، يقصان الأثر حتى انتهيا إلى الصخرة، فأطاف بها موسى، فإذا هو مُتَسَجٍّ ثوبًا، فسلّم، فرفع رأسه، فقال: من أنت؟ فقال: موسى، قال: من موسى؟ قال: موسى بني إسرائيل، قال: فما لك؟ قال: أُخبرت أن عندك علمًا، فأردت أن أصحبك، قال: إنك لن تستطيع معي صبرًا، قال: ستجدني إن شاء الله صابرًا، ولا أعصي لك أمرًا، قال: كيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا؟ قال: قد أُمرت أن أفعله، ستجدني إن شاء الله صابرًا، قال: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرًا، فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة، فخرج من كان فيها، وتخلّف ليخرقها، فقال له موسى: أتخرقها لتغرق أهلها؟ لقد جئت شيئًا أمرًا، قال: ألم أقل: إنك لن تستطيع معي صبرًا، قال: لا تؤاخذني بما نسيت، ولا ترهقني من أمري عسرًا، فانطلقا حتى إذا أتوا على غلمان يلعبون على ساحل البحر، فيهم غلام ليس في الغلمان أحسن منه، ولا أنظف منه، فقتله، فنفر موسى -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك، وقال: قتلت نفسًا زكية بغير نفس؟ لقد جئت شيئًا نكرًا، قال: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا، قال: فأخذته ذمامة من صاحبه، واستحيا، وقال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني، قد بلغت من لدني عذرًا، فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية لئام، وقد أصاب موسى جهد، فلم يضيفوهما، فوجدا فيها جدارًا يريد أن ينقض، فأقامه، فقال له موسى مما نزل به من الجهد: لو شئت لاتخذت عليه أجرًا، قال: هذا فراق بيني وبينك، فأخذ موسى بطرف ثوبه، فقال: حدّثني، فقال: أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر، وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبًا، فإذا مَرَّ عليها فرآها منخرقة تركها، ورقعها أهلها بقطعة خشبة، فانتفعوا بها، وأما الغلام، فإنه كان طُبع يوم طبع كافرًا، وكان قد أُلقي عليه محبة من أبويه، ولو عصياه شيئًا لأرهقهما طغيانًا وكفرًا، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرًا منه زكاةً، وأقرب رحمًا، فوقع أبوه على أمه، فولدت خيرًا منه زكاة وأقرب رُحمًا، وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة، وكان تحته كنز لهما، وكان أبوهما صالِحًا، فأراد ربك أن يبلغا أشدهما، ويستخرجا كنزهما، رحمة من ربك، وما فعلته