للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكِبْدٍ، قال الجَوْهَرِيّ: وهو أَفْصُح، قلت (١): لعَلَّه لكونِه مخُفَفًّا من الخَضِر؛ لكَثْرة الاسْتِعْمَال كما في "المِصْبَاح"، وزاد القَسْطَلانيّ في شرح البُخَارِيّ لُغَةً ثالِثة، وهو فَتْح الخَاء، مع سُكُونِ الضّاد.

واخْتُلِف في سَبَب لَقَبِه، فقيل: لأَنَّه جَلَسَ على فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ، فاهْتَزَّت تَحْتَه خَضْراءَ، كما وردَ في حَدِيثٍ مَرْفُوع صحيح، وقِيل: لأَنّه كان إِذا جَلَسَ في مَوْضعٍ، وتَحْتَه روضَةٌ تَهْتَزُّ. وفي البُخَارِيّ: وَجَدَهُ موسى على طِنْفِسَةٍ خَضْرَاءَ، على كَبِدِ البَحْر، وعن مُجاهِدٍ: كان إِذا صلَّى في مَوْضع اخْضَرَّ ما تَحْتَه، وقيل: ما حَوْلَه، وقيل سُمِّيَ خَضِرًا؛ لحُسْنِه، وإِشراق وَجْهِه؛ تَشْبِيهًا بالنَّبَات الأَخْضَرِ الغَضِّ. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: وأصحّ الأقوال الأول؛ لأنه رواه البخاريّ في "صحيحه"، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنما سُمِّي الخضر؛ لأنه جلس على فَرْوة (٣) بيضاء، فإذا هي تهتزّ من خلفه خضراء". انتهى (٤).

وقوله: (فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْخَضِرُ) قال الحافظ -رحمه الله-: لم يذكر ما قال الحرّ بن قيس، ولا وقفت على ذلك في شيء من طرق هذا الحديث، قال: وخضر: بفتح أوله، وكسر ثانية، أو بكسر أوله، وإسكان ثانيه، ثبتت بهما الرواية، وبإثبات الألف واللام فيه، وبحذفهما.

قال: وهذا التماري الذي وقع بين ابن عباس والحرّ غير التماري الذي وقع بين سعيد بن جبير ونوف البكاليّ، فإن هذا في صاحب موسى، هل هو الخضر أو غيره؟، وذاك في موسى، هل هو موسى بن عمران الذي أُنزلت عليه التوراة، أو موسى بن مِيشا، بكسر الميم، وسكون التحتانية، بعدها معجمة؟. انتهى (٥).

(فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِيُّ) -رضي الله عنه- (فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ)؛ أي: ناداه،


(١) القائل صاحب "التاج"، فتنبّه.
(٢) "تاج العروس من جواهر القاموس" ١/ ٢٧٧٠.
(٣) الفروة: الأرض البيضاء، ليس بها نبات. اهـ. "ق".
(٤) "صحيح البخاريّ" ٣/ ١٢٤٨.
(٥) "الفتح" ١/ ٢٩٧.