ضخم، وابن عباس أكثرهم فتوى، فيما قاله الإمام أحمد، بحيث كان كبار الصحابة يُحيلون عليه في الفتوى، وكيف لا؛ وقد دعا له النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "اللهم علّمه الكتاب"، وفي لفظ: "اللهم فقّهه في الدين، وعلّمه التأويل"، وفي آخر: "اللهم علّمه الحكمة، وتأويل الكتاب"، وفي آخر: "اللهم بارك فيه، وانشر منه".
وقال ابن عمر: هو أعلم من بقي بما أنزل الله على محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وقال أبو بكرة: قَدِمَ علينا البصرة، وما في العرب مثله حَشَمًا، وعِلْمًا، وبيانًا، وجمالًا.
وقال ابن مسعود: لو أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد.
وقالت عائشة: هو أعلم الناس بالحجّ.
ثم إن وَصْفه بالبحر ثابت في "صحيح البخاريّ" وغيره، وإنما وُصف بذلك لكثرة علمه، كما قال مجاهد، فيما أخرجه ابن سعد، وغيره، وعند ابن سعد أيضًا من طريق ابن جريج، عن عطاء أنه كان يقول: قال البحر، وفعل البحر، يريد ابن عباس، بل سمّاه غير واحد: حبر الأمة، وبعضهم: حبر العرب، وترجمان القرآن، ربانيّ الأمة.
قال ابن حزم: ويلي هؤلاء السبعة في الفتوى عشرون، وهم أبو بكر، وعثمان، وأبو موسى، ومعاذ، وسعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة، وأنس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وسلمان، وجابر، وأبو سعد، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وعمران بن حصين، وأبو بكرة، وعبادة بن الصامت، ومعاوية، وابن الزبير، وأم سلمة.
قال الجامع: وقد نظمتهم بقولي:
صِدِّيقُهُمْ عُثْمَانُ سَعْدٌ أَنَسُ … سَلْمَانُ جَابِرٌ مُعَاذٌ يَأْنَسُ
وَالأَشْعَرِيُّ وَالزُّبَيْرُ طَلْحَةُ … أَبُو هُرَيْرَةَ يَلِي عُبَادَةُ
وَنَجْلُ عَمْرٍو وَابْنُ عَوْفٍ وَكَذَا … نَجْلُ حُصَيْنٍ وَنُفَيْعٌ حَبَّذَا
سَعْدٌ مُعَاوِيةُ أُمُّ سَلَمَهْ … وَابْنُ الزُّبَيْرِ هُمْ حَلِيفُو الْمَكْرَمَهْ
فَهَؤُلَاءِ مَرْجِعُ الأَنَامِ … فِي عَصْرِهِمْ لِمُعْضِلِ الأَحْكَامِ
قال ابن حزم: ويمكن أن يُجمع من فتيا كل واحد منهم جزء صغير،