سَبْعٌ مِنَ الصَّحْبِ فَوْقَ الأَلْفِ قَدْ نَقَلُوا … مِنَ الْحَدِيثِ عَنِ الْمُخْتَارِ خَيْرِ مُضَرْ
أَبُو هُرَيْرَةَ سَعْدٌ جَابِرٌ أَنَسٌ … صِدِّيقَةٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ كَذَا ابْنُ عُمَرْ
وسعد هو: أبو سعيد الخدريّ.
قال الجامعِ عفا الله عنه: وقد رتَّبتُهم حسب مرويّاتهم بقولي:
الْمُكْثِرُون فِي رِوَايَةِ الْخَبَرْ … مِنَ الصَّحَابَةِ الأَكَارِمِ الْغُرَرْ
أَبُو هُرَيْرَةَ يَلِيهِ ابْنُ عُمَرْ … فَأَنَسٌ فَزَوْجَةُ الْهَادِي الأَبَرّ
ثُمَّ ابْنُ عَبَّاسٍ يَلِيهِ جَابِرُ … وَبَعْدَهُ الْخُدْرِيُّ فَهْوَ آخِرُ
[فإن قلت]: أخرج البخاريّ في "صحيحه" عن همّام بن مُنَبِّه، قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: ما من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أحد أكثر حديثًا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب، ولا أكتب (١).
فقد قدّم أبو هريرة -رضي الله عنه- عبد الله بن عمرو على نفسه في كونه أكثر الصحابة حديثًا، فهذا يدلّ على أنه أكثر حديثًا من أبي هريرة -رضي الله عنه-، فكيف يُجاب؟.
[قلت]: يجاب بأن عبد الله كان مشتغلًا بالعبادة أكثر من اشتغاله بالتعليم، فقلّت الرواية عنه، أو أن أكثر مقامه بعد فتوح الأمصار كان بمصر، أو بالطائف، ولم تكن الرحلة إليهما ممن يَطلب العلم كالرحلة إلى المدينة، وكان أبو هريرة متصدّيًا فيها للفتوى والتحديث، حتى مات، أو لأن أبا هريرة -رضي الله عنه- اختصّ بدعوة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأن لا ينسى ما يحدّثه به، فانتشرت روايته. إلى غير ذلك من الأجوبة.
وأما المكثرون منهم إفتاءً، فسبعة: عمر، وعليّ، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وزيد بن ثابت، وعائشة.
قال الجامع عفا الله عنه: قد نَظَمتهم بقولي:
الْمُكْثِرُونَ فِي الْفَتَاوَى سَبْعَةُ … عُمَرُ وَابْنُهُ كَذَا عَائِشَةُ
وَنَجْلُ مَسْعُودٍ وَبَحْرُ الأُمَّةِ … كَذَا عَلِيٌّ مَعَ نَجْلِ ثَابِتِ
قال ابن حزم: يمكن أن يُجمع من فتيا كل واحد من هؤلاء مجلد
(١) "صحيح البخاريّ" ١/ ٥٤.