أحمد بن عباس بن حمزة الواعظ من "تاريخ نيسابور" من طريق أبي مسهر، حدّثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: كان أبو حنيفة يقول: أول من أسلم من الرجال أبو بكر، ومن النساء خديجة، ومن الصبيان عليّ.
وكان البرهان التنوخي يقول: الأَولى أن يقال: ومن غير البالغين عليّ، وهو حسن، والله تعالى أعلم (١).
(المسألة العاشرة): في آخر الصحابة -رضي الله عنهم- موتًا:
(اعلم): أن آخرهم موتًا على الإطلاق أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثيّ -رضي الله عنه-، كما ثبت من قوله، حيث قال:"رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما على وجه الأرض رجل رآه غيري"، وبذلك جزم مصعب الزبيريّ، وأبو زكريا ابن منده، وخَلْق، بل أجمع عليه أهل الحديث، وممن جزم به مسلم بن الحجاج، وأنه مات عام مائة، وكذا قال ابن عبد البرّ، لكن قال خليفة: إنه مات بعد ستة مائة، وعن ابن الْبَرْقيّ: سنة اثنتين ومائة، وعن مبارك بن فَضاله: سنة سبع، وبه جزم غير واحد، وعن جرير بن حازم: سنة عشر، وصححه الذهبي في "الوفيات"، والحافظ في "التهذيب"، وكانت وفاته بمكة، كما قاله ابن المدينيّ، وابن حبان، وغيرهما، وقيل: بالكوفة، والأول أصح، وحينئذ فيكون الصحيح أنه آخر من مات بمكة أيضًا من الصحابة كما جزم به ابن حبان، وأبو زكريا ابن منده، بل هو آخر المائة التي أشار إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أواخر عمره، كما صح عنه بقوله:"أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد"، أخرجه البخاريّ، وبه تمسَّك هو وغيره للقول بموت الخضر، وقد تقدّم البحث فيه مستوفى، ولله الحمد.
[تنبيه]: قال السخاويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: دعوى من ادَّعَى الصحبة، أو ادُّعِيت له بعد أبي الطفيل، وهم: جبير بن الحارث، والربيع بن محمود المارديني، ورَتَن، وسرباتك الهنديان، ومعمر، ونسطور، أو جعفر بن نسطور الروميّ، وبسر بن عبيد الله، الذين كان آخرهم رتن، فإنه فيما قيل: مات سنة اثنتين وثلاثين وستمائة؛ باطلة، والكلام في شأنهم مبسوط في "لسان الميزان" لشيخنا -