للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشرك على السرّ، والمال إذا عُلم منهم وفاء ومروءة، كما ائتَمَن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هذا

المشرك على سرّه في الخروج من مكة، وعلى الناقتين.

وقال ابن المنذر: فيه استئجار المسلمين الكفار على هداية الطريق.

وقال البخاري في "صحيحه": "باب استئجار المشركين عند الضرورة، أو إذا لم يوجد أهل الإسلام"، قال ابن بطال: إنما قال البخاري في ترجمته: "أو إذا لم يوجد أهل الإسلام" من أجل أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إنما عامل أهل خيبر على العمل في أرضها إذ لم يوجد من المسلمين من ينوب منابهم في عمل الأرض، حتى قَوِي الإسلام، واستُغني عنهم أجلاهم عمر.

وعامة الفقهاء يجيزون استئجارهم عند الضرورة وغيرها.

وفيه: استئجار الرجلين الرجل الواحد على عمل واحد لهما (١).

[فائدة]: أخرج الترمذيّ -رَحِمَهُ اللهُ- من حديث نُبَيط بن شَرِيط عن سالم بن عبيد -له صحبة- قال: أُغمي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. . . الحديث، وفيه: واجتمع المهاجرون يتشاورون، فقالوا: انطلقوا بنا إلى إخواننا من الأنصار نُدخلهم معنا في هذا الأمر، فقالت الأنصار: منا أمير، ومنكم أمير، فقال عمر -رضي الله عنه-: من له مثل هذه الثلاث: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}؛ من "هما"؟ قال: ثم بسط يده فبايعه وبايعه الناس بيعة حسنة جميلة (٢).

[فائدة أخرى]: قال ابن العربيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قال لنا أبو الفضائل العدل: قال لنا جمال الإسلام أبو القاسم: قال موسى -صلى الله عليه وسلم-: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: ٦٢]، وقال في محمد -صلى الله عليه وسلم-: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} لا جرم لمّا كان الله مع موسى وحده ارتدّ أصحابه بعده، فرجع من عند ربه، ووجدهم يعبدون العجل، ولمّا قال محمد -صلى الله عليه وسلم-: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} بقي أبو بكر مهتديًا موحِّدًا عالمًا جازمًا قائمًا بالأمر، ولم يتطرق إليه اختلال. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم.


(١) "تفسير القرطبيّ" ٨/ ١٤٦.
(٢) "تفسير القرطبيّ" ٨/ ١٤٧.
(٣) "تفسير القرطبيّ" ٨/ ١٤٧.