للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خلاف هذا فيه بُعد، ولا يناسب مساق الحديث. انتهى (١).

وقال في "العمدة" بعدما ذكر نحو ما تقدّم: ويقال: القُفّ: اليابس، ويَحْتَمِل أن يكون سُمّي به؛ لأن ما ارتفع حول البئر يكون يابسًا دون غيره غالبًا. انتهى (٢).

(وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْه، وَدَلَّاهُمَا)؛ أي: أرسلهما (فِي الْبِئْر، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْه، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَاب، فَقُلْتُ: لأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الْيَوْمَ)، وفي رواية: "أمرني ان أحفظ الباب" قال النوويّ رحمهُ اللهُ: يَحْتَمِل أنه -صلى الله عليه وسلم- أمَره أن يكون بوابًا في جميع ذلك المجلس؛ ليبشّر هؤلاء المذكورين بالجنة -رضي الله عنهم-، ويَحْتَمِل أنه أمَره بحفظ الباب أولًا إلى أن يقضي حاجته، ويتوضأ؛ لأنها حالة يُستتر فيها، ثم حفظ الباب أبو موسى من تلقاء نفسه. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": قوله: "فقلت: لأكوننّ بوابَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اليوم" ظاهره أنه اختار ذلك، وفَعَله من تلقاء نفسه، وقد صرّح بذلك في رواية محمد بن جعفر، عن شريك، في "الأدب"، فزاد فيه: "ولم يأمرني"، قال ابن التين: فيه أن المرء يكون بوابًا للإمام، وإن لم يأمره، كذا قال.

وقد وقع في رواية أبي عثمان، عن أبي موسى: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- دخل حائطًا، وأمَره بحفظ باب الحائط"، ووقع في رواية عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيِّب في هذا الحديث: "فقال: يا أبا موسى امْلِك عليّ الباب، فانطلَق، فمَضى حاجته، وتوضأ، ثم جاء، فقعد على قُفّ البئر"، أخرجه أبو عوانة في "صحيحه"، والروياني في "مسنده".

وفي رواية الترمذيّ من طريق أبي عثمان، عن أبي موسى: "فقال لي: يا أبا موسى امْلِك عليّ الباب، فلا يدخلن عليّ أحدٌ".

قال الحافظ: فيُجمع بينهما بأنه لمّا حدّث نفسه بذلك صادف أمْر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأن يحفظ عليه الباب، وأما قوله: "ولم يأمرني" فيريد أنه لم يأمره


(١) "المفهم" ٦/ ٢٦٤.
(٢) "عمدة القاري" ١٦/ ١٩٠.
(٣) "شرح النوويّ" ١٥/ ١٧٠.